كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
اغْتَسَل قَبْل خُرُوجِهِ؛ لأَِنَّ غُسْلَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَإِنْ كَانَتِ اللَّذَّةُ نَاشِئَةً عَنْ جِمَاعٍ، بِأَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ وَلَمْ يُنْزِل، ثُمَّ اغْتَسَل ثُمَّ أَمْنَى، فَلاَ غُسْل عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْجَنَابَةَ لاَ يَتَكَرَّرُ غُسْلُهَا، وَلَكِنْ يَتَوَضَّأُ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا أَمْنَى وَاغْتَسَل ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ عَلَى الْقُرْبِ بَعْدَ غُسْلِهِ لَزِمَهُ الْغُسْل ثَانِيًا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْل أَنْ يَبُول بَعْدَ الْمَنِيِّ أَوْ بَعْدَ بَوْلِهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ (2) ، وَلَمْ يُفَرِّقْ؛ وَلأَِنَّهُ نَوْعُ حَدَثٍ فَنَقَضَ مُطْلَقًا، كَالْبَوْل وَالْجِمَاعِ وَسَائِرِ الأَْحْدَاثِ (3) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْل فَلاَ يَجِبُ الْغُسْل ثَانِيًا، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِل عَنِ الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الْغُسْل؟ قَال: يَتَوَضَّأُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ وَلأَِنَّهُ مَنِيٌّ وَاحِدٌ فَأَوْجَبَ غُسْلاً وَاحِدًا كَمَا لَوْ خَرَجَ دَفْقَةً وَاحِدَةً؛ وَلأَِنَّهُ خَارِجٌ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَشْبَهَ الْخَارِجَ لِبَرْدٍ، وَبِهِ عَلَّل أَحْمَدُ، قَال لأَِنَّ الشَّهْوَةَ مَاضِيَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدَثٌ أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَهُ الْوُضُوءُ (4) .
__________
(1) الخرشي على مختصر خليل 1 / 163، وحاشية الدسوقي 1 / 127.
(2) حديث: " إنما الماء من الماء ". تقدم تخريجه ف5.
(3) المجموع شرح المهذب للنووي 2 / 139 - 140.
(4) كشاف القناع 1 / 142.
ج - خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِهِ الْمُعْتَادِ:
8 - نَصَّ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُ الرَّجُل فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ، وَلَمْ يُنْزِل مِنْ الذَّكَرِ، فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْل.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ حُكْمَهُ كَالنَّجَاسَةِ الْمُعْتَادَةِ.
قَال الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ ثَقْبٍ فِي الذَّكَرِ غَيْرِ الإِْحْلِيل، أَوْ مِنْ ثَقْبٍ فِي الأُْنْثَيَيْنِ أَوِ الصُّلْبِ، فَحَيْثُ نَقَضْنَا الْوُضُوءَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ أَوْجَبْنَا الْغُسْل، وَقَطَعَ الْبَغَوِيُّ بِوُجُوبِ الْغُسْل بِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ الذَّكَرِ، قَال النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ تَفْصِيل الْمُتَوَلِّي (1) .
وَصَرَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ بِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ جُرْحٍ فِي الْخُصْيَةِ، بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ مَقَرِّهِ بِشَهْوَةٍ، فَالظَّاهِرُ افْتِرَاضُ الْغُسْل (2) .
الثَّانِي - الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ:
9 - الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْل بِالاِتِّفَاقِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَْرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَإِنْ لَمْ
__________
(1) المجموع شرح المهذب للنووي 2 / 140، وكشاف القناع 1 / 139.
(2) حاشية ابن عابدين 1 / 107.
الصفحة 198