كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
يُنْزِل (1) ، وَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَْرْبَعِ، وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل (2) ، وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ يَحْصُل بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرَجِ، ذَلِكَ أَنَّ خِتَانَ الرَّجُل هُوَ الْجِلْدُ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ الْخِتَانِ، وَخِتَانَ الْمَرْأَةِ جِلْدَةٌ كَعُرْفِ الدِّيكِ فَوْقَ الْفَرَجِ فَيُقْطَعُ مِنْهَا فِي الْخِتَانِ، فَإِذَا غَابَتِ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرَجِ حَاذَى خِتَانُهُ خِتَانَهَا، وَإِذَا تَحَاذَيَا فَقَدِ الْتَقَيَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ الْتِصَاقَهُمَا وَضَمَّ أَحَدِهِمَا إِلَى الآْخَرِ، فَإِنَّهُ لَوْ وَضَعَ مَوْضِعَ خِتَانِهِ عَلَى مَوْضِعِ خِتَانِهَا وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي مَدْخَل الذَّكَرِ لَمْ يَجِبِ الْغُسْل، وَقَال الدَّرْدِيرُ: الْحَشَفَةُ رَأْسُ الذَّكَرِ (3) .
وَلاَ بُدَّ لإِِيجَابِ الْغُسْل مِنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ بِكَمَالِهَا فِي الْفَرْجِ، فَإِنْ غَيَّبَ بَعْضَهَا فَلاَ غُسْل عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ فَيُعْتَبَرُ قَدْرُهَا، قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا قُطِعَ بَعْضُ
__________
(1) حديث أبي هريرة: " إذا جلس بين شعبها الأربع. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 395) ومسلم (1 / 271) ، والرواية الأخرى لمسلم.
(2) حديث عائشة: " إذا جلس بين شعبها الأربع. . . ". تقدم تخريجه ف4.
(3) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 108، وحاشية الدسوقي 1 / 128، والمجموع شرح المهذب للنووي 2 / 130، 132، وكشاف القناع 1 / 142.
الذَّكَرِ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ قَدْرِ الْحَشَفَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الأَْحْكَامِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَهَا فَقَطْ تَعَلَّقَتِ الأَْحْكَامُ بِتَغْيِيبِهِ كُلِّهِ دُونَ بَعْضِهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَشَفَةِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لاَ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِبَعْضِهِ، وَلاَ يَتَعَلَّقُ إِلاَّ بِتَغْيِيبِ جَمِيعِ الْبَاقِي، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّاشِيُّ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، ثَانِيهِمَا: تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِقَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْهُ، وَرَجَّحَهُ الأَْكْثَرُونَ، وَقَطَعَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنَقَل صَاحِبُ الدُّرِّ عَنْ الأَْشْبَاهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حُكْمٌ (1) .
10 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ الْفَرْجِ الَّذِي يَجِبُ الْغُسْل بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِيهِ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْل بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي مُطْلَقِ الْفَرْجِ، سَوَاءٌ كَانَ لإِِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ، قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ.
لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ شَرَطُوا إِطَاقَةَ ذِي الْفَرْجِ سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فَلاَ غُسْل عَلَى ذِي الْحَشَفَةِ الْمُغَيِّبِ مَا لَمْ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 109، وحاشية الدسوقي 1 / 129، والمجموع 2 / 133، وكشاف القناع 1 / 142.
الصفحة 199