كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

أُصْبُعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَصَابِعِهَا فِي فَرْجِهَا (1) .

الثَّالِثُ - الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ:
18 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْل، وَنَقَل ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَآخَرُونَ الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ.
وَدَلِيل وُجُوبِ الْغُسْل فِي الْحَيْضِ قَوْله تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُل هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (2) أَيْ إِذَا اغْتَسَلْنَ، فَمَنَعَ الزَّوْجَ مِنْ وَطْئِهَا قَبْل غُسْلِهَا، فَدَل عَلَى وُجُوبِهِ عَلَيْهَا، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي (3) .
وَدَلِيل وُجُوبِهِ فِي النِّفَاسِ الإِْجْمَاعُ - حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَالْمرغينَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ - وَلأَِنَّهُ حَيْضٌ مُجْتَمِعٌ؛ وَلأَِنَّهُ يُحَرِّمُ الصَّوْمَ
__________
(1) الشرح الصغير 1 / 146.
(2) سورة البقرة / 222.
(3) حديث: " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 409) ومسلم (1 / 262) واللفظ لمسلم.
وَالْوَطْءَ وَيُسْقِطُ فَرْضَ الصَّلاَةِ، فَأَوْجَبَ الْغُسْل كَالْحَيْضِ.
19 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُوجِبِ لِلْغُسْل، هَل هُوَ وُجُودُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَوِ انْقِطَاعُهُ أَوْ شَيْءٌ آخَرُ؟
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْل وُجُودُ الْحَيْضِ لاَ انْقِطَاعُهُ، وَالاِنْقِطَاعُ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْغُسْل.
وَمِثْل الْمَالِكِيَّةِ الْحَنَابِلَةُ، قَال الْبُهُوتِيُّ: يَجِبُ بِالْخُرُوجِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالْخُرُوجِ إِنَاطَةً لِلْحُكْمِ بِسَبَبِهِ، وَالاِنْقِطَاعُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، وَكَلاَمُ الْخِرَقِيِّ يَدُل عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ بِالاِنْقِطَاعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الأَْحَادِيثِ.
وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: الْحَيْضُ مُوجِبٌ بِشَرْطِ انْقِطَاعِهِ.
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: سَبَبُ وُجُوبِ الْغُسْل إِرَادَةُ فِعْل مَا لاَ يَحِل إِلاَّ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ ضِيقِ الْوَقْتِ، أَوْ عِنْدَ وُجُوبِ مَا لاَ يَصِحُّ مَعَهُ، وَذَلِكَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ.
وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الشَّافِعِيَّةِ، فَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُوجِبَهُ الاِنْقِطَاعُ، وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: الْخُرُوجُ مُوجِبٌ وَالاِنْقِطَاعُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَيُعْتَبَرُ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا - الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ - وَانْقِطَاعِهِ الْقِيَامُ إِلَى الصَّلاَةِ أَوْ نَحْوِهَا كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالتَّحْقِيقِ، وَقَال

الصفحة 204