كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

فَآخُذُ مِلْءَ كَفَّيَّ ثَلاَثًا فَأَصُبُّ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أُفِيضُهُ بَعْدُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي (1) . وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ تَحْتَ كُل شَعْرَةٍ جَنَابَةً، فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ (2) .
قَال النَّوَوِيُّ: إِفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ وَاجِبٌ بِلاَ خِلاَفٍ، وَمِنْ ثَمَّ يَجِبُ إِيصَال الْمَاءِ إِلَى كُل ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَمِنْهُ مَا تَحْتَ الشَّعْرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى الْبَشَرَةِ خَفِيفًا أَوْ كَثِيفًا، يَجِبُ إِيصَال الْمَاءِ إِلَى جَمِيعِهِ وَجَمِيعِ الْبَشَرَةِ تَحْتَهُ بِلاَ خِلاَفٍ.
وَقَدْ نَبَّهَ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَوَاضِعَ قَدْ لاَ يَصِل إِلَيْهَا الْمَاءُ كَعُمْقِ السُّرَّةِ، وَتَحْتِ ذَقَنِهِ، وَتَحْتِ جَنَاحَيْهِ، وَمَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ، وَمَا تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ، وَأَسَافِل رِجْلَيْهِ. وَيُخَلِّل أَصَابِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَيُخَلِّل شَعْرَ لِحْيَتِهِ وَشَعْرَ الْحَاجِبَيْنِ وَالْهُدْبَ وَالشَّارِبَ وَالإِْبِطَ وَالْعَانَةَ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجِبُ غَسْل كُل مَا يُمْكِنُ بِلاَ حَرَجٍ، كَأُذُنٍ وَسُرَّةٍ وَشَارِبٍ وَحَاجِبٍ وَإِنْ كَثُفَ، وَلِحْيَةٍ وَشَعْرِ رَأْسٍ وَلَوْ مُتَلَبِّدًا،
__________
(1) حديث جبير بن مطعم: " تذاكرنا غسل الجنابة. . . ". أخرجه أحمد (4 / 81) وأصله في البخاري (فتح الباري 1 / 367) ومسلم (1 / 258) .
(2) حديث: " إن تحت كل شعرة جنابة. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 172) من حديث أبي هريرة، ثم ذكر تضعيف أحد رواته.
وَفَرْجٍ خَارِجٍ. وَأَمَّا الْفَرْجُ الدَّاخِل فَلاَ يُغْسَل لأَِنَّهُ بَاطِنٌ، وَلاَ تُدْخِل أُصْبُعَهَا فِي قُبُلِهَا. وَلاَ يَجِبُ غَسْل مَا فِيهِ حَرَجٌ كَعَيْنٍ وَثَقْبٍ انْضَمَّ بَعْدَ نَزْعِ الْقُرْطِ وَصَارَ بِحَالٍ إِنْ أُمِرَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ يَدْخُلْهُ، وَإِنْ غُفِل لاَ، فَلاَ بُدَّ مِنْ إِمْرَارِهِ، وَلاَ يَتَكَلَّفُ لِغَيْرِ الإِْمْرَارِ مِنْ إِدْخَال عُودٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْحَرَجَ مَرْفُوعٌ (1) . وَهُنَاكَ مَسَائِل تَتَعَلَّقُ بِتَعْمِيمِ الْبَشَرَةِ وَالشَّعْرِ بِالْمَاءِ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَلِي:

أ - الْمَضْمَضَةُ وَالاِسْتِنْشَاقُ:
25 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْل، قَال الْحَنَابِلَةُ: الْفَمُ وَالأَْنْفُ مِنَ الْوَجْهِ لِدُخُولِهِمَا فِي حَدِّهِ، فَتَجِبُ الْمَضْمَضَةُ وَالاِسْتِنْشَاقُ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى فَلاَ يَسْقُطُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الْمَضْمَضَةُ وَالاِسْتِنْشَاقُ مِنَ الْوُضُوءِ الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ (2) .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 103، وفتح القدير 1 / 38، وحاشية الدسوقي 1 / 126، 132، وحاشية العدوي على شرح الرسالة 1 / 185، 190، 191، ومغني المحتاج 1 / 73، والمجموع 2 / 180 وما بعدها، وكشاف القناع 1 / 152، 154.
(2) حديث عائشة: " المضمضة والاستنشاق من الوضوء. . . ". أخرجه الدارقطني (1 / 86) وصوب إرساله.

الصفحة 208