كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
وَاحِدَةٌ بِلاَ غُسْلٍ، ثُمَّ أَزَالَهَا بِقَصٍّ أَوْ نَتْفٍ مَثَلاً لَمْ يَكْفِ، فَلاَ بُدَّ مِنْ غَسْل مَوْضِعِهَا، بِخِلاَفِ مَا لَوْ أَزَالَهُ بَعْدَ غَسْلِهَا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِل بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ (1) قَال عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ شَعْرَ رَأْسِي.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الرَّجُل كَالْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَكْفِي لِلرَّجُل بَل ضَفِيرَتِهِ، فَيَنْقُضُهَا وُجُوبًا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَلِلاِحْتِيَاطِ وَلإِِمْكَانِ حَلْقِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: لاَ يَجِبُ؛ نَظَرًا إِلَى الْعَادَةِ.
وَوَافَقَ الْحَنَابِلَةُ الْجُمْهُورَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ نَقْضِ الشَّعْرِ الْمَضْفُورِ فِي غُسْل الْجَنَابَةِ إِذَا رُوَتْ أُصُولُهُ، وَخَالَفُوهُمْ فِي غُسْل الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ حَيْثُ قَالُوا بِوُجُوبِ النَّقْضِ، وَدَلِيل ذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهَا: انْقُضِي شَعْرَكَ وَامْتَشِطِي (2) ، وَلاَ
__________
(1) حديث: " من ترك موضع شعرة من جنابة. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 173) ، وذكره ابن حجر في التلخيص (1 / 142) وقال: قيل: إن الصواب وقفه.
(2) حديث: " انقضي شعرك وامتشطي ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 417) ومسلم (2 / 870) .
يَكُونُ الْمَشْطُ إِلاَّ فِي شَعْرٍ غَيْرِ مَضْفُورٍ؛ وَلأَِنَّ الأَْصْل وُجُوبُ نَقْضِ الشَّعْرِ لِتَحَقُّقِ وُصُول الْمَاءِ إِلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ. فَعُفِيَ عَنْهُ فِي غُسْل الْجَنَابَةِ؛ لأَِنَّهُ يَكْثُرُ، فَشَقَّ ذَلِكَ فِيهِ، وَالْحَيْضُ بِخِلاَفِهِ، فَبَقِيَ عَلَى الأَْصْل فِي الْوُجُوبِ، وَالنِّفَاسُ فِي مَعْنَى الْحَيْضِ، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: قَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذَا مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لأَِنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ وَالْجَنَابَةِ؟ فَقَال: لاَ، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ وَهِيَ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ (1) .
الثَّالِثَةُ - الْمُوَالاَةُ:
27 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُوَالاَةِ هَل هِيَ مِنْ فَرَائِضِ الْغُسْل أَوْ مِنْ سُنَنِهِ؟
__________
(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 103، 104، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 134، والقليوبي 1 / 66، ومغني المحتاج 1 / 73، والمجموع شرح المهذب 2 / 186، وكشاف القناع 1 / 154، والمغني 1 / 226 - 227.
الصفحة 210