كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى سُنِّيَّةِ الْمُوَالاَةِ فِي غَسْل جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ لِفِعْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا فَاتَتِ الْمُوَالاَةُ قَبْل إِتْمَامِ الْغُسْل، بِأَنْ جَفَّ مَا غَسَلَهُ مِنْ بَدَنِهِ بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ وَأَرَادَ أَنْ يُتِمَّ غُسْلَهُ - جَدَّدَ لإِِتْمَامِهِ نِيَّةً وُجُوبًا، لاِنْقِطَاعِ النِّيَّةِ بِفَوَاتِ الْمُوَالاَةِ، فَيَقَعُ غَسْل مَا بَقِيَ بِدُونِ نِيَّةٍ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُوَالاَةَ مِنْ فَرَائِضِ الْغُسْل (1) .

الرَّابِعَةُ - الدَّلْكُ:
28 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ دَلْكَ الأَْعْضَاءِ فِي الْغُسْل سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ (2) وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِزِيَادَةٍ. وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُِمِّ سَلَمَةَ إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاَثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 103 - 105، وحاشية الدسوقي 1 / 133، والخرشي على خليل 1 / 167 - 168، والمجموع شرح المهذب 1 / 453، 2 / 184، وكشاف القناع 1 / 153.
(2) حديث: " فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك ". أخرجه أبو داود (1 / 236) والترمذي (2 / 212) ، واللفظ لأبي داود، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
فَتَطْهُرِينَ (1) . وَلأَِنَّهُ غُسْلٌ فَلاَ يَجِبُ إِمْرَارُ الْيَدِ فِيهِ. كَغُسْل الإِْنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْمُزَنِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الدَّلْكَ فَرِيضَةٌ مِنْ فَرَائِضِ الْغُسْل، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْغُسْل هُوَ إِمْرَارُ الْيَدِ. وَلاَ يُقَال لِوَاقِفٍ فِي الْمَطَرِ اغْتَسَل، وَقَال الْمُزَنِيُّ: وَلأَِنَّ التَّيَمُّمَ يُشْتَرَطُ فِيهِ إِمْرَارُ الْيَدِ فَكَذَا هُنَا (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: هُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ لاَ لإِِيصَال الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ، فَيُعِيدُ تَارِكُهُ أَبَدًا، وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُول الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ لِطُول مُكْثِهِ مَثَلاً فِي الْمَاءِ، قَال الدُّسُوقِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ وَاجِبٌ لإِِيصَال الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ، وَاخْتَارَهُ عَلِيٌّ الأُْجْهُورِيُّ لِقُوَّةِ مُدْرَكِهِ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ الدَّلْكِ لِلْمَاءِ، بَل يُجْزِئُ وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ وَانْفِصَالِهِ مَا لَمْ يَجِفَّ الْجَسَدُ، فَلاَ يُجْزِئُ الدَّلْكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لأَِنَّهُ صَارَ مَسْحًا لاَ غُسْلاً، وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ، يُمْسِكُ طَرَفَهَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالطَّرَفَ الآْخَرَ بِالْيُسْرَى وَيُدَلِّكُ بِوَسَطِهَا، فَإِنَّهُ يَكْفِي ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ
__________
(1) حديث أم سلمة تقدم تخريجه ف 26.
(2) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 103 - 105، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 134، والمجموع شرح المهذب 2 / 185، ومطالب أولي النهى 1 / 179، وكشاف القناع 1 / 153.

الصفحة 211