كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

الْحَاكِمُ بِالطَّلاَقِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَوَاضِحٌ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُطَلِّقَهَا فَقِيل: يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَقِيل: يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الزَّوْجَةَ بِإِيقَاعِ الطَّلاَقِ، فَتَقُول لِلزَّوْجِ: طَلَّقْتُ نَفْسِي مِنْكَ، فَيَكُونُ بَائِنًا، ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ لِيَرْفَعَ خِلاَفَ مَنْ لاَ يَرَى أَمْرَ الْقَاضِي لَهَا حُكْمًا، وَلِلزَّوْجَةِ الرِّضَا بِالْبَقَاءِ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى حَالَتِهِ هَذِهِ، وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتَطْلُبَ الطَّلاَقَ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا تَمَّتِ السَّنَةُ الْمَضْرُوبَةُ لِلْعِنِّينِ وَرُفِعَ الأَْمْرُ إِلَى الْقَاضِي فَإِنْ قَال الزَّوْجُ: وَطِئْتُ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَل حَلَفَتْ، فَإِنْ حَلَفَتْ أَوْ أَقَرَّ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ كَمَا يَسْتَقِل بِالْفَسْخِ مَنْ وَجَدَ بِالْبَيْعِ عَيْبًا، وَإِنَّمَا تُفْسَخُ بَعْدَ قَوْل الْقَاضِي لَهَا: ثَبَتَتِ الْعُنَّةُ أَوْ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ فَاخْتَارِي، وَهُوَ الأَْصَحُّ، وَقِيل: لاَ تَسْتَقِل بِالْفَسْخِ، وَيَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ الْقَاضِي لَهَا بِالْفَسْخِ أَوْ إِلَى فَسْخِهِ؛ لأَِنَّهُ مَحَل نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، فَيَتَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِذْنٍ فِيهِ (2) .
__________
(1) الدسوقي 2 / 282، 283.
(2) مغني المحتاج 3 / 207.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا انْقَضَى الأَْجَل الْمُحَدَّدُ لِلْعِنِّينِ وَلَمْ يَطَأْ فِيهِ فَلِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ، فَإِنِ اخْتَارَتِ الْفَسْخَ لَمْ يَجُزْ إِلاَّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لأَِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ إِلَيْهَا فَتَفْسَخَ هِيَ، وَلاَ يَفْسَخُ حَتَّى تَخْتَارَ الْفَسْخَ وَتَطْلُبَهُ؛ لأَِنَّهُ لَحِقَهَا، فَلاَ تُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَائِهِ (1) .

الْفُرْقَةُ بِالْعُنَّةِ فَسْخٌ أَمْ طَلاَقٌ:
14 - الْفُرْقَةُ بِالْعُنَّةِ طَلاَقٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْحَقَّ الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: إِمَّا إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا - وَهُوَ الإِْمْسَاكُ بِمَعْرُوفٍ - تَعَيَّنَ الآْخَرُ وَهُوَ التَّسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ، فَإِذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ هَذَا التَّسْرِيحِ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ فِيهِ، وَالتَّسْرِيحُ طَلاَقٌ، وَلأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، وَالطَّلاَقُ بَائِنٌ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ لاَ يَحْصُل بِالطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ، إِذِ الْمَقْصُودُ إِزَالَةُ ظُلْمِ الزَّوْجَةِ، وَلَوْ كَانَ الطَّلاَقُ رَجْعِيًّا لَرَاجَعَهَا قَهْرًا عَنْهَا وَاسْتَمَرَّ الظُّلْمُ؛ وَلأَِنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَكُونُ رَجْعِيًّا إِلاَّ
__________
(1) المغني مع الشرح الكبير 7 / 605.

الصفحة 23