كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
7 - الْغِيبَةُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَالْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهَا مِنَ الْكَبَائِرِ.
قَال الْقُرْطُبِيُّ (1) : لاَ خِلاَفَ أَنَّ الْغِيبَةَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَأَنَّ مَنِ اغْتَابَ أَحَدًا عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَل، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُل لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (2) وَيَقُول الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْت: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيل؟ قَال: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ (3) وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُل الإِْيمَانُ قَلْبَهُ، لاَ تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ (4) وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) أحكام القرآن للقرطبي 16 / 336، 337، والزواجر 2 / 7.
(2) سورة الحجرات / 12.
(3) حديث: " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار. . ". أخرجه أبو داود (5 / 164) من حديث أنس بن مالك، وصححه العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (3 / 139. بهامش الإحياء)
(4) حديث: " يا معشر من آمن بلسانه. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 194) من حديث أبي برزة الأسلمي، وذكر المنذري في مختصره (7 / 214) أن في إسناده راويًا مجهولاً، وذكره في الترغيب والترهيب (3 / 198) وقال: رواه أبو يعلى بإسناد حسن من حديث البراء.
: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ (1) وَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: ذِكْرُك أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ، قِيل: أَفَرَأَيْت إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُول؟ قَال: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُول فَقَدِ اغْتَبْته. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ (2) قَال الْقَرَافِيُّ: حُرِّمَتْ أَيِ الْغِيبَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ مَفْسَدَةِ إِفْسَادِ الأَْعْرَاضِ. (3)
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْغِيبَةَ إِنْ كَانَتْ فِي أَهْل الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فَهِيَ كَبِيرَةٌ. وَإِلاَّ فَصَغِيرَةٌ. (4)

مَا تَكُونُ بِهِ الْغِيبَةُ:
8 - الْغِيبَةُ تَكُونُ بِالْقَوْل وَتَكُونُ بِغَيْرِهِ، قَال الْغَزَالِيُّ: الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ إِنَّمَا حَرُمَ لأَِنَّ فِيهِ تَفْهِيمَ الْغَيْرِ نُقْصَانَ أَخِيك وَتَعْرِيفَهُ بِمَا يَكْرَهُهُ، فَالتَّعْرِيضُ بِهِ كَالتَّصْرِيحِ، وَالْفِعْل فِيهِ كَالْقَوْل، وَالإِْشَارَةُ وَالإِْيمَاءُ وَالْغَمْزُ
__________
(1) حديث: " إن من أكبر الكبائر استطالة المرء. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 193) من حديث أبي هريرة.
(2) حديث أبي هريرة: " أتدرون ما الغيبة ". أخرجه مسلم (4 / 2001) .
(3) الفروق للقرافي 4 / 205، 209.
(4) مغني المحتاج 4 / 427.

الصفحة 332