كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَل وَيُفْسِدُونَ فِي الأَْرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (1) وَنَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ظُلْمِ الْمُعَاهَدِ بِقَوْلِهِ: مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (2) كَمَا نَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَقْضِ الْعَهْدِ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهُ، أَوْ يَنْبِذَ الْعَهْدَ إِلَى الْمُعَاهَدِينَ جَهْرًا - لاَ سِرًّا - حَتَّى لاَ يَغْدِرَ بِهِمْ. فَقَال: مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلاَ يَشُدُّ عُقْدَةً وَلاَ يَحِلُّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ. (3)
وَنَقْضُ الْعَهْدِ يُعَدُّ مِنَ الْغَدْرِ، وَقَدْ شَهَّرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَادِرِ فِي قَوْلِهِ: لِكُل غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
__________
(1) سورة البقرة / 27.
(2) حديث: " من ظلم معاهدًا. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 437) وقال السخاوي في المقاصد (ص392) : سنده لا بأس به.
(3) حديث: " من كان بينه وبين قوم عهد. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 190) والترمذي (4 / 143) من حديث عمرو بن عبسة، وقال الترمذي: حسن صحيح.
يُعْرَفُ بِهِ. (1)
وَلِلْمُعَاهَدِ أَحْكَامٌ أُخْرَى، مِنْهَا أَخْذُ الْجِزْيَةِ. وَمِقْدَارُهَا، وَمِقْدَارُ دِيَتِهِ، يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (جِزْيَة ف 21، 22، وَمُعَاهِد)
الْيَمِينُ بِعَهْدِ اللَّهِ وَآثَارُهُ:
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِعَهْدِ اللَّهِ يَمِينٌ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ جَمِيعُ الآْثَارِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى كُل يَمِينٍ، مِنْ وُجُوبِ الْبِرِّ بِهَا، أَوِ الْكَفَّارَةِ الْوَاجِبَةِ بِسَبَبِ الْحِنْثِ.
وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ فِي اعْتِبَارِهَا يَمِينًا أَنْ يَنْوِيَ الْحَالِفُ بِهَا الْيَمِينَ، لاَ اسْتِحْقَاقَ اللَّهِ لِلْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى بَنِي آدَمَ (2) .
__________
(1) حديث: " لكل غادر لواء. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 283) ومسلم (3 / 1360 من حديث ابن عمر.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 54، والشرح الكبير للدردير 2 / 227. ونهاية المحتاج 8 / 169، ومطالب أولي النهى 6 / 374.
الصفحة 35