كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

ج - إِعْتَاقُ الأَْعْوَرِ فِي الْكَفَّارَاتِ:
8 - يُجْزِئُ إِعْتَاقُ الأَْعْوَرِ فِي الْكَفَّارَاتِ دُونَ الأَْعْمَى؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ تَكْمِيل الأَْحْكَامِ وَتَمْلِيكُ الْعَبْدِ الْمَنَافِعَ وَالْعَوَرُ لاَ يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يَضُرُّ بِالْعَمَل فَأَشْبَهَ قَطْعَ إِحْدَى الأُْذُنَيْنِ (1) .
وَنَقَل أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ قَوْلاً بِعَدَمِ إِجْزَاءِ الأَْعْوَرِ فِي الْكَفَّارَاتِ؛ لأَِنَّ الْعَوَرَ نَقْصٌ يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ وَالإِْجْزَاءَ فِي الْهَدْيِ فَأَشْبَهَ الْعَمَى (2) .

د - جِنَايَةُ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ عَلَى الأَْعْوَرِ:
9 - لاَ تُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالْحَدَقَةِ الْعَمْيَاءِ؛ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، بَل تَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ بِالاِجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الذَّاهِبِ ضَوْءُهَا حُكُومَةٌ كَالْيَدِ الشَّلاَّءِ، بِهَذَا يَقُول جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ) . (3)
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 579، والشرح الصغير 2 / 648، وروضة الطالبين 7 / 285، والمغني 7 / 361.
(2) المغني 7 / 361.
(3) البزازية بهامش الفتاوى الهندية 6 / 391، والشرح الصغير 4 / 352، وروضة الطالبين 9 / 197، وحاشية الجمل 5 / 66، وتفسير القرطبي 6 / 194
أَنَّهُ قَال: فِي عَيْنِ الأَْعْوَرِ الَّتِي لاَ يُبْصِرُ بِهَا مِائَةَ دِينَارٍ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: فِيهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ، وَقَال مُجَاهِدٌ: فِيهَا نِصْفُ دِيَتِهَا (1) .
وَإِذَا قَلَعَ صَحِيحُ الْعَيْنَيْنِ عَيْنَ الأَْعْوَرِ الْمُبْصِرَةَ فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَبَيْنَ أَخْذِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ مِنْ مَال الْجَانِي (2) .
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ - أَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ مِنْ مِثْلِهَا وَيَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ؛ لأَِنَّهُ ذَهَبَ بِجَمِيعِ بَصَرِهِ وَأَذْهَبَ الضَّوْءَ الَّذِي بَدَلُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِ الضَّوْءِ؛ إِذْ لاَ يُمْكِنُ أَخْذُ عَيْنَيْنِ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، وَلاَ أَخْذُ يَمِينٍ بِيُسْرَى، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِبَدَل نِصْفِ الضَّوْءِ (3) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَيْنَ الأَْعْوَرِ السَّلِيمَةَ يَجِبُ فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ (4) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الأَْصَحِّ أَنَّ الْخَطَأَ
__________
(1) تفسير القرطبي 6 / 194.
(2) الشرح الصغير 4 / 356، والمغني 7 / 718، 719.
(3) المغني 7 / 718، 719.
(4) الفتاوى الأنقروية 1 / 174، والفتاوى البزازية بهامش الهندية 6 / 391، وروضة الطالبين 9 / 272.

الصفحة 41