كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

وَوَرَدَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْل بِجَوَازِ إِظْهَارِ ذِرَاعَيْهَا أَيْضًا لأَِنَّهُمَا يَبْدُوَانِ مِنْهَا عَادَةً (1) .
وَجَازَ كَشْفُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالنَّظَرُ إِلَيْهِمَا بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (2) أَيْ مَوَاضِعَهَا، فَالْكُحْل زِينَةُ الْوَجْهِ، وَالْخَاتَمُ زِينَةُ الْكَفِّ (3) ، بِدَلِيل مَا رُوِيَ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، دَخَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا، وَقَال: يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ (4)
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ (5) فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَدْرِ الْمُسْتَثْنَى فَقَال ابْنُ مَسْعُودٍ: ظَاهِرُ الزِّينَةِ هُوَ الثِّيَابُ، وَزَادَ ابْنُ جُبَيْرٍ الْوَجْهَ. وَقَال
__________
(1) حاشية الشلبي بهامش تبيين الحقائق 1 / 96.
(2) سورة النور / 31.
(3) بدائع الصنائع 6 / 2956.
(4) حديث: " أن " أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 358) من حديث عائشة، وقال: هذا حديث مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها.
(5) تفسير القرطبي 12 / 228 - 232، الطبعة الثالثة.
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا وَعَطَاءٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ: الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ وَالثِّيَابُ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: ظَاهِرُ الزِّينَةِ هُوَ الْكُحْل وَالسِّوَارُ وَالْخِضَابُ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ وَالْقُرْطُ وَالْفَتْخُ.
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِذَا عَرَكَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يَحِل لَهَا أَنْ تُظْهِرَ إِلاَّ وَجْهَهَا، وَإِلاَّ مَا دُونَ هَذَا، وَقَبَضَ عَلَى ذِرَاعِ نَفْسِهِ، فَتَرَكَ بَيْنَ قَبْضَتِهِ وَبَيْنَ الْكَفِّ مِثْل قَبْضَةٍ أُخْرَى (1)
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَشَرْطُ السَّاتِرِ مَنْعُ إِدْرَاكِ لَوْنِ الْبَشَرَةِ لاَ حَجْمِهَا، فَلاَ يَكْفِي ثَوْبٌ رَقِيقٌ وَلاَ مُهَلْهَلٌ لاَ يَمْنَعُ إِدْرَاكَ اللَّوْنِ (2) .
وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ كُل شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيِّ عَنْهَا حَتَّى ظُفْرَهَا (3) ، وَرُوِيَ عَنْ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ مَنْ يُبِينُ زَوْجَتَهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَأْكُل مَعَهَا لأَِنَّهُ مَعَ الأَْكْل يَرَى كَفَّهَا، وَقَال الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَحْرُمُ نَظَرُ
__________
(1) حديث: " إذا عركت المرأة. . . ". أخرجه الطبري في تفسيره (18 / 119 ط مصطفى الحلبي) من حديث ابن جريج مرسلاً.
(2) مغني المحتاج 1 / 185.
(3) مجموع فتاوى ابن تيمية 22 / 110.

الصفحة 45