كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)

فِتْنَة

التَّعْرِيفُ:
1 - الْفِتْنَةُ فِي اللُّغَةِ كَمَا قَال الأَْزْهَرِيُّ: الاِبْتِلاَءُ وَالاِمْتِحَانُ وَالاِخْتِبَارُ، وَأَصْلُهَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِكَ: فَتَنْتُ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ إِذَا أَذَبْتَهُمَا بِالنَّارِ لِتُمَيِّزَ الرَّدِيءَ مِنَ الْجَيِّدِ.
وَتَأْتِي الْفِتْنَةُ بِمَعْنَى الْكُفْرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} (1) كَمَا تَأْتِي بِمَعْنَى الْفَضِيحَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ} (2) وَتَأْتِي الْفِتْنَةُ بِمَعْنَى الْعَذَابِ، وَبِمَعْنَى الْقَتْل، وَالْفَاتِنُ: الْمُضِل عَنِ الْحَقِّ. (3)
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - تَظَاهَرَتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى التَّحْذِيرِ مِنَ الْفِتَنِ وَالأَْمْرِ بِتَجَنُّبِهَا وَاعْتِزَالِهَا وَعَدَمِ الْخَوْضِ فِيهَا، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى
__________
(1) سورة الأنفال / 39.
(2) سورة المائدة / 41.
(3) لسان العرب، والمصباح المنير، ومختار الصحاح.
: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (1) وَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ (2) قَال ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: فِتْنَةُ الْمَحْيَا مَا يَعْرِضُ لِلإِْنْسَانِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مِنَ الاِفْتِنَانِ بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَالْجَهَالاَتِ، وَأَعْظَمُهَا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ أَمْرُ الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ. (3)
وَهُنَاكَ بَعْضُ الأَْحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْفِتْنَةِ وَمِنْهَا:

أ - بَيْعُ السِّلاَحِ زَمَنَ الْفِتْنَةِ:
3 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى حُرْمَةِ بَيْعِ مَا يُقْصَدُ بِهِ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ وَاعْتَبَرُوهُ مِنْ أَقْسَامِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَمَثَّلُوا لَهُ بِبَيْعِ السِّلاَحِ زَمَنَ الْفِتْنَةِ، وَسَبَبُ النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى ضَرَرٍ مُطْلَقٍ وَعَامٍّ، وَفِي مَنْعِهِ سَدٌّ لِذَرِيعَةِ الإِْعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ.
__________
(1) سورة الأنفال / 25.
(2) حديث عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة اللهم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 317) ومسلم (1 / 412) .
(3) فتح الباري 2 / 319.

الصفحة 18