كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)

مَعْصِيَةِ اللَّهِ (1) .

ج - آدَابُهُ:
5 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ آدَابًا كَثِيرَةً يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا قَائِدُ الْجَيْشِ نُلَخِّصُهَا فِيمَا يَأْتِي:
(1) الرِّفْقُ بِالْجُنُودِ فِي السَّيْرِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَضْعَفُهُمْ وَيَحْفَظُ بِهِ قُوَّةَ أَقْوَاهُمْ، وَلاَ يَجِدُّ فِي السَّيْرِ فَيُهْلِكَ الضَّعِيفَ، وَيَسْتَفْرِغَ جَلَدَ الْقَوِيِّ (2) ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِل فِيهِ بِرِفْقٍ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لاَ أَرْضًا قَطَعَ وَلاَ ظَهْرًا أَبْقَى (3) .
لَكِنْ إنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إلَى الْجَدِّ فِي السَّيْرِ جَازَ لَهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّ فِي السَّيْرِ جَدًّا شَدِيدًا حِينَ بَلَغَهُ قَوْل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: لَيُخْرِجَنَّ الأَْعَزُّ مِنْهَا الأَْذَل، لِيُشْغِل النَّاسَ عَنِ الْخَوْضِ فِي كَلاَمِ ابْنِ أُبَيٍّ (4) .
(2) أَنْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَالَهُمْ وَأَحْوَال مَا يَمْتَطُونَهُ مِنْ دَوَابَّ وَمَرْكَبَاتٍ، فَيُخْرِجَ مِنْهَا مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَى السَّيْرِ، وَيَمْنَعَ مَنْ يَحْمِل عَلَيْهَا مَا يَزِيدُ
__________
(1) حديث: " لا طاعة في معصية الله ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 233) ومسلم (3 / 1469) من حديث علي بن أبي طالب، واللفظ لمسلم.
(2) الأحكام السلطانية للماوردي ص35.
(3) حديث: " إن هذا الدين متين. . . ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1 / 62) وقال:، رواه البزار، وفيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل، وهو كذاب.
(4) حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " جد في السير جدًّا شديدًا ". أورده ابن كثير في البداية والنهاية (4 / 157) وعزاه إلى ابن إسحاق.
عَنْ طَاقَتِهَا، كَمَا يَمْنَعُ مَا يُظْهِرُ الْجَيْشَ الإِْسْلاَمِيَّ بِمَظْهَرِ الضَّعْفِ وَالْوَهَنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (1) .
(3) أَنْ يُرَاعِيَ أَحْوَال مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَهُمْ صِنْفَانِ:
(أ) أَصْحَابُ الدِّيوَانِ مِنْ أَهْل الْفَيْءِ وَالْجِهَادِ: (الْجُنُودُ النِّظَامِيُّونَ) الَّذِينَ يُفْرَضُ لَهُمُ الْعَطَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَال.
(ب) الْمُتَطَوِّعَةُ، وَهُمُ الْخَارِجُونَ عَنِ الدِّيوَانِ مِنْ أَهْل الْبَوَادِي وَالأَْعْرَابِ وَسُكَّانِ الْقُرَى وَالأَْمْصَارِ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي النَّفِيرِ الْعَامِّ، اتِّبَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيل اللَّهِ} (2) .
(4) أَنْ يُعَرِّفَ عَلَى الْجُنُودِ الْعُرَفَاءَ، وَيُنَقِّبَ عَلَيْهِمُ النُّقَبَاءَ، لِيَعْرِفَ مِنْ عُرَفَائِهِمْ وَنُقَبَائِهِمْ أَحْوَالَهُمْ، وَيَقْرَبُونَ عَلَيْهِ إذَا دَعَاهُمْ، لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَغَازِيهِ (3) .
__________
(1) سورة الأنفال / 60.
(2) سورة التوبة / 41.
(3) حديث رفع العرفاء الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 168) من حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة.

الصفحة 236