كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)

إلَى فَرْجِ الْمُسْلِمَةِ وَلاَ تَقْبَلُهَا حِينَ تَلِدُ (1) .

ثَالِثًا - شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ:
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ تُقْبَل شَهَادَةُ الْقَوَابِل فِيمَا لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلاَّ النِّسَاءُ لِقَوْل الزُّهْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: مَضَتِ السُّنَّةُ فِي أَنْ تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، فِيمَا يَلِينَ مِنْ وِلاَدَةِ الْمَرْأَةِ، وَاسْتِهْلاَل الْجَنِينِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ الَّذِي لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَلاَ يَلِيهِ إلاَّ هُنَّ، فَإِذَا شَهِدَتِ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ الَّتِي تَقْبَل النِّسَاءَ فَمَا فَوْقَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي اسْتِهْلاَل الْجَنِينِ جَازَتْ (2) .
فَإِذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ أَوِ الْوَرَثَةُ وُقُوعَ الْوِلاَدَةِ، أَوْ وُجُودَ الْحَمْل أَوِ الاِسْتِهْلاَل، وَشَهِدَتِ الْقَابِلَةُ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا، فَيَثْبُتُ نَسَبُ الْمَوْلُودِ وَيَشْتَرِكُ فِي الإِْرْثِ مَعَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، وَكَذَا إذَا ادَّعَتِ الْمُطَلَّقَةُ أَنَّهَا حَامِلٌ وَعُرِضَ عَلَيْهَا الْقَوَابِل، فَذَكَرْنَ أَنَّهَا حَامِلٌ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ، وَلَزِمَ عَلَى مُطَلِّقِهَا النَّفَقَةُ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الطَّلاَقُ بَائِنًا أَمْ رَجْعِيًّا، لأَِنَّ هَذَا مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَال غَالِبًا. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَكَذَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي حَالَةِ عَدَمِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ إلى أَنَّهُ لاَ تُقْبَل
__________
(1) فتح القدير 5 / 121، ومواهب الجليل 1 / 499، مغني المحتاج 3 / 133، والمغني لابن قدامة 6 / 562.
(2) قول الزهري: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8 / 333) .
شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلاَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَالِيًّا أَوْ غَيْرَ مَالِيٍّ، لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ، وَلأَِنَّ هَذَا لاَ يُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَقْوَى، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ بِالأَْقْوَى فَلاَ يَثْبُتُ بِمَا دُونَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ بِقَوْل امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ وَالْعَدَالَةِ، لأَِنَّ هَذَا مَوْضُوعٌ يُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ، فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ، كَشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فِي الرَّضَاعِ، وَلِمَا رَوَاهُ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ (1) . وَوَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ صَاحِبَيْهِ وَمَنْ مَعَهُمَا فِي قَبُول قَوْل الْقَابِلَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا كَانَ النِّكَاحُ مَازَال قَائِمًا وَجَحَدَ الزَّوْجُ الْوِلاَدَةَ فَشَهِدَتْ بِوُقُوعِهَا، لِتَأْيِيدِهَا بِقِيَامِ الْفِرَاشِ، وَيَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبُ الْوَلَدِ بِشَرْطِ أَنْ يُولَدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، وَلأَِنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لاَ يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ (2) .
__________
(1) حديث حذيفة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة ". أخرجه الدارقطني (4 / 332) وذكر أن في إسناده رجلاً مجهولاً، ونقل الزيلعي في نصب الراية (4 / 80) عن ابن عبد الهادي أنه قال: " حديث باطل ".
(2) فتح القدير 3 / 306 وما بعدها، جواهر الإكليل 2 / 239، ومغني المحتاج 4 / 442، 443، والمغني لابن قدامة 7 / 581، 610، 9 / 155 وما بعدها.

الصفحة 241