كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)
فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ تَدَارُكًا لِلْعَمَل بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِتَعْيِينِ الْوَاقِفِ الْجِهَةَ لِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِنْ دُفِنَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلاَ إذْنِ رَبِّهِ، فَلِلْمَالِكِ إلْزَامُ دَافِنِهِ بِنَقْلِهِ لِيَفْرُغَ لَهُ مِلْكُهُ عَمَّا شَغَلَهُ بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، قَالُوا: وَالأَْوْلَى لِلْمَالِكِ تَرْكُهُ حَتَّى يَبْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ.
وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ عُرْفًا أَوْ رَمَاهُ رَبُّهُ فِيهِ نُبِشَ وَأُخِذَ ذَلِكَ مِنْهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ وَضَعَ خَاتَمَهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَال خَاتَمِي، فَدَخَل وَأَخَذَهُ، وَكَانَ يَقُول: أَنَا أَقْرَبُكُمْ عَهْدًا بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) ، قَال أَحْمَدُ: إذَا نَسِيَ الْحَفَّارُ مِسْحَاتَهُ فِي الْقَبْرِ جَازَ أَنْ يُنْبَشَ.
وَإِنْ كُفِّنَ بِثَوْبٍ غُصِبَ وَطَلَبَهُ رَبُّهُ لَمْ يُنْبَشْ وَغَرِمَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ، لإِِمْكَانِ دَفْعِ الضَّرَرِ مَعَ عَدَمِ هَتْكِ حُرْمَتِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْغُرْمُ لِعَدَمِ تَرِكَةٍ نُبِشَ الْقَبْرُ وَأُخِذَ الْكَفَنُ إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُهُ بِبَذْل قِيمَةِ الْكَفَنِ وَإِنْ بَلَعَ مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَانَ مِمَّا تَبْقَى مَالِيَّتُهُ كَخَاتَمٍ وَطَلَبَهُ رَبُّهُ لَمْ يُنْبَشْ وَغَرِمَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ صَوْنًا لِحُرْمَتِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْغُرْمُ نُبِشَ الْقَبْرُ وَشُقَّ جَوْفُهُ إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُهُ بِبَذْل قِيمَةِ الْمَال
__________
(1) حديث: " أن المغيرة بن شعبة وضع خاتمه في قبر النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه ابن سعد في الطبقات (2 / 302) ، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (قسم السيرة - ص582) هذا حديث منقطع.
لِرَبِّهِ وَإِلاَّ فَلاَ يُنْبَشُ، وَإِنْ بَلَعَ مَال الْغَيْرِ بِإِذْنِ رَبِّهِ أُخِذَ إذَا بَلِيَ الْمَيِّتُ، لأَِنَّ مَالِكَهُ هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَى مَالِهِ بِالإِْذْنِ لَهُ، وَلاَ يُعْرَضُ لِلْمَيِّتِ قَبْل أَنْ يَبْلَى.
وَإِنْ بَلَعَ مَال نَفْسِهِ لَمْ يُنْبَشْ قَبْل أَنْ يَبْلَى، لأَِنَّ ذَلِكَ اسْتِهْلاَكٌ لِمَال نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ إلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُنْبَشُ وَيُشَقُّ جَوْفُهُ فَيُخْرَجُ وَيُوَفَّى دَيْنُهُ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُبَادَرَةِ إلَى تَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ (1) .
ل - قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ:
22 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ لاَ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ بَل تُسْتَحَبُّ، لِمَا رَوَى أَنَسٌ مَرْفُوعًا قَال: مَنْ دَخَل الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ فِيهَا يس خَفَّفَ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِهِمْ حَسَنَاتٌ (2) ، وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْصَى إذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: يَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ.
قَال الْقَلْيُوبِيُّ: وَمِمَّا وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الإِْخْلاَصِ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً وَأَهْدَى
__________
(1) كشاف القناع 2 / 86، 87، 145.
(2) حديث أنس: " من دخل المقابر فقرأ فيها. . . ". أورده الزبيدي في إتحاف المتقين (10 / 373) وعزاه إلى عبد العزيز صاحب الخلال.
الصفحة 255