كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)
وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ بِالإِْضَافَةِ إلَى ذَلِكَ نَقْلَهُ وَتَحْوِيلَهُ.
وَدَلِيل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْمُقَدَّرَاتِ مِنَ الْمَنْقُولاَتِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَوْفِيَتِهَا بِالْوَحْدَةِ الْقِيَاسِيَّةِ الْعُرْفِيَّةِ الْمُرَاعَاةِ فِيهَا مِنَ الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الذَّرْعِ أَوِ الْعَدِّ فَهُوَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ، صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي (1) ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ (2) ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَحْصُل فِيهِ الْقَبْضُ إلاَّ بِالْكَيْل، فَتَعَيَّنَ فِيمَا يُقَدَّرُ بِالْكَيْل الْكَيْل، وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي (3) .
11 - وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: قَبْضُ الْمَنْقُول يَكُونُ بِالتَّنَاوُل بِالْيَدِ أَوْ بِالتَّخْلِيَةِ عَلَى وَجْهِ التَّمْكِينِ (4) .
__________
(1) حديث: " نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 750) من حديث جابر، وأشار ابن حجر في التلخيص (3 / 27) إلى تضعيف إسناده، ثم خرجه عن صحابة آخرين، ونقل عن البيهقي أنه قواه بطرقه.
(2) حديث: " من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله ". أخرجه مسلم (3 / 1160) من حديث ابن عباس.
(3) مغني المحتاج 2 / 73، المغني لابن قدامة 4 / 111 ط. دار المنار، وكشاف القناع 3 / 201.
(4) لسان الحكام لابن الشحنة ص311، وشرح المجلة للأتاسي 2 / 200 وما بعدها، ومجلة الأحكام العدلية م 272، 273، 274، 275.
جَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: " تَسْلِيمُ الْعُرُوضِ يَكُونُ بِإِعْطَائِهَا لِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِوَضْعِهَا عِنْدَهُ أَوْ بِإِعْطَاءِ الإِْذْنِ لَهُ بِالْقَبْضِ مَعَ إرَاءَتِهَا لَهُ (1) ".
وَجَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: رَجُلٌ بَاعَ مَكِيلاً فِي بَيْتٍ مُكَايَلَةً أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً، وَقَال: خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ، وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ، وَلَمْ يَكِلْهُ وَلَمْ يَزِنْهُ، صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا.
وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ هُوَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِهِ بِغَيْرِ حَائِلٍ، وَكَذَا التَّسْلِيمُ فِي جَانِبِ الثَّمَنِ (2) .
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ التَّخْلِيَةِ مَعَ التَّمْكِينِ فِي الْمَنْقُولاَتِ قَبْضًا بِأَنَّ تَسْلِيمَ الشَّيْءِ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهُ جَعْلُهُ سَالِمًا خَالِصًا لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَهَذَا يَحْصُل بِالتَّخْلِيَةِ، وَبِأَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لاَ بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ سَبِيلٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي فِي وُسْعِهِ هُوَ التَّخْلِيَةُ وَرَفْعُ الْمَوَانِعِ، أَمَّا الإِْقْبَاضُ فَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ، لأَِنَّ الْقَبْضَ بِالْبَرَاجِمِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ لِلْقَابِضِ، فَلَوْ تَعَلَّقَ وُجُوبُ التَّسْلِيمِ بِهِ لَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالْوَاجِبِ، وَهَذَا لاَ
__________
(1) مجلة الأحكام العدلية م 274.
(2) الفتاوى الهندية 3 / 16.
الصفحة 261