كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)
يَجُوزُ (1) .
وَقَدْ وَافَقَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ الْحَنَفِيَّةَ عَلَى اعْتِبَارِ التَّخْلِيَةِ فِي الْمَنْقُول قَبْضًا، وَذَلِكَ لِحُصُول الاِسْتِيلاَءِ بِالتَّخْلِيَةِ، إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْقَبْضِ، وَقَدْ حَصَل بِهَا (2) .
تَقْسِيمُ الْقَبْضِ مِنْ حَيْثُ الْمَشْرُوعِيَّةُ:
12 - قَسَّمَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ وَالْقَرَافِيُّ الْقَبْضَ كَتَصَرُّفٍ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَيْثُ مَشْرُوعِيَّتُهُ وَالإِْذْنُ فِيهِ إلَى ثَلاَثَةِ أَضْرُبٍ (3) .
(الضَّرْبُ الأَْوَّل) قَبْضٌ بِمُجَرَّدِ إذْنِ الشَّرْعِ دُونَ إذْنِ الْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ:
مِنْهَا: قَبْضُ وُلاَةِ الأُْمُورِ وَالْحُكَّامِ الأَْعْيَانَ الْمَغْصُوبَةَ مِنَ الْغَاصِبِ، وَقَبْضُهُمْ أَمْوَال الْمَصَالِحِ وَالزَّكَاةَ وَحُقُوقَ بَيْتِ الْمَال، وَقَبْضُهُمْ أَمْوَال الْغَائِبِينَ وَالْمَحْبُوسِينَ الَّذِينَ لاَ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ حِفْظِ أَمْوَالِهِمْ، وَقَبْضُهُمْ أَمْوَال الْمَجَانِينِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ بِسَفَهٍ وَنَحْوِهِمْ.
وَمِنْهَا: قَبْضُ مَنْ طَيَّرَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا، ثُمَّ
__________
(1) بدائع الصنائع 5 / 244.
(2) المغني 4 / 111 ط، المنار، الإفصاح لابن هبيرة ص224 ط. الطباخ بحلب.
(3) قواعد الأحكام في مصالح الأنام 2 / 71 ط. المكتبة التجارية بمصر، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص455 وما بعدها. (بعناية ط عبد الرؤوف سعد) .
أَلْقَتْهُ فِي حِجْرِهِ أَوْ دَارِهِ، وَمِنْهَا: قَبْضُ الْمُضْطَرِّ مِنْ طَعَامِ الأَْجَانِبِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ لِمَا يَدْفَعُ بِهِ ضَرُورَتَهُ، وَمِنْهَا: قَبْضُ الإِْنْسَانِ حَقَّهُ إذَا ظَفِرَ بِهِ بِجِنْسِهِ.
(وَالضَّرْبُ الثَّانِي) قَبْضُ مَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ قَبْضِهِ عَلَى إذْنِ مُسْتَحِقِّهِ، كَقَبْضِ الْمَبِيعِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ، وَقَبْضِ الْمُسْتَامِ، وَالْقَبْضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَقَبْضِ الرُّهُونِ وَالْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْعَوَارِيِّ وَالْوَدَائِعِ، وَقَبْضِ جَمِيعِ الأَْمَانَاتِ.
(وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ) قَبْضٌ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنَ الشَّرْعِ وَلاَ مِنَ الْمُسْتَحِقِّ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ، كَقَبْضِ الْمَغْصُوبِ، فَيَأْثَمُ الْغَاصِبُ، وَيَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلاَ إذْنٍ، وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، كَمَنْ قَبَضَ مَالاً يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَالُهُ، فَإِذَا هُوَ لِغَيْرِهِ، قَال الْقَرَافِيُّ: فَلاَ يُقَال إنَّ الشَّرْعَ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ، بَل عَفَا عَنْهُ بِإِسْقَاطِ الإِْثْمِ (1) ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ، وَلاَ إبَاحَةَ فِيهِ، وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ.
الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ:
13 - الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ يُقَامُ مُقَامَ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَحَقِّقًا حِسًّا فِي الْوَاقِعِ، وَذَلِكَ لِضَرُورَاتٍ وَمُسَوِّغَاتٍ
__________
(1) شرح تنقيح الفصول ص456.
الصفحة 262