كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)

سَادِسًا) الْمُزَارَعَةُ:
44 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ تَسْلِيمُ الأَْرْضِ إلَى الْعَامِل مُخْلاَةً، أَيْ أَنْ تُوجَدَ التَّخْلِيَةُ مِنْ صَاحِبِ الأَْرْضِ بَيْنَ أَرْضِهِ وَبَيْنَ الْعَامِل، حَتَّى لَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الْعَمَل عَلَى رَبِّ الأَْرْضِ أَوْ شُرِطَ عَمَلُهُمَا مَعًا، فَلاَ تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ لاِنْعِدَامِ التَّخْلِيَةِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مُزَارَعَةٌ) .

(سَابِعًا) الْمُسَاقَاةُ:
45 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ تَسْلِيمُ الأَْشْجَارِ إلَى الْعَامِل، فَلَوْ شُرِطَ كَوْنُهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ أَوْ مُشَارَكَتُهُ فِي الْيَدِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِعَدَمِ حُصُول التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الشَّجَرِ وَبَيْنَ الْعَامِل (2) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مُسَاقَاةٌ)

الْعُقُودُ الَّتِي يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي لُزُومِهَا:
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ، بَيَانُهَا فِيمَا يَلِي:

(أَوَّلاً) الْهِبَةُ:
46 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَدَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لِلُزُومِ الْهِبَةِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي لُزُومِ الْهِبَةِ، وَيَكُونُ لِلْوَاهِبِ قَبْل
__________
(1) رد المحتار 6 / 276، وبدائع الصنائع 6 / 178.
(2) رد المحتار 6 / 86، وفتح العزيز 12 / 131، والروضة 5 / 155، وشرح المجلة للأتاسي 4 / 394.
الْقَبْضِ الرُّجُوعُ فِيهَا، فَإِذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَزِمَتْ، لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: لِلأَْبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ، وَكَذَلِكَ لِسَائِرِ الأُْصُول عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ (1) .
غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْعَقْدِ إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ أَوِ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْل قَبْضِهَا.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ أَوِ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْل الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ، لأَِنَّهُ يَئُول إلَى اللُّزُومِ، وَيَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْل الْقَبْضِ بَطَل الْعَقْدُ، أَمَّا إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ فَلاَ تَبْطُل الْهِبَةُ، وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الإِْقْبَاضِ أَوِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ.
وَاسْتَدَل جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي لُزُومِ الْهِبَةِ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال لأُِمِّ سَلَمَةَ: إنِّي أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ أُوَاقًا مِنْ مِسْكٍ، وَإِنِّي لاَ أَرَاهُ إلاَّ قَدْ مَاتَ، وَلاَ أَرَى الْهَدِيَّةَ الَّتِي أَهْدَيْتُ إلَيْهِ إلاَّ سَتُرَدُّ فَإِذَا رُدَّتْ إلَيَّ فَهُوَ لَكِ أَمْ لَكُمْ (2) ، وَبِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: يَقُول ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي. . وَهَل لَكَ مِنْ مَالِكَ إلاَّ مَا أَكَلْتَ
__________
(1) روضة الطالبين 5 / 375، والأم 3 / 285 بولاق، والمهذب 1 / 454، وكفاية الأخيار 1 / 176، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 281، وكشاف القناع 4 / 253 وما بعدها. ط السنة المحمدية، والمغني 5 / 591 وما بعدها. ط. دار المنار.
(2) حديث: " إني أهديت إلى النجاشي أواقًا من مسك. . . ". تقدم تخريجه ف 34.

الصفحة 288