كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)

مُتَعَمَّدٍ عُدْوَانًا، وَالْعُدْوَانُ مُحَرَّمٌ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلاَ تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} . (1)

أَنْوَاعُ الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ:
6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى الْقَوْل بِالْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى إثْبَاتِهِ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلاَ وَإِنَّ قَتِيل الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ مِائَةٌ مِنَ الإِْبِل (2) وَفِي رِوَايَةٍ: عَقْل شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْل عَقْل الْعَمْدِ وَلاَ يُقْتَل صَاحِبُهُ.
(3) وَقَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الْقَتْل شِبْهَ الْعَمْدِ إلَى ثَلاَثَةِ أَنْوَاعٍ:
قَال الْكَاسَانِيُّ: شِبْهُ الْعَمْدِ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
مِنْهَا أَنْ يَقْصِدَ الْقَتْل بِعَصًا صَغِيرَةٍ أَوْ بِحَجَرٍ صَغِيرٍ أَوْ لَطْمَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَكُونُ الْغَالِبُ فِيهَا الْهَلاَكَ، كَالسَّوْطِ وَنَحْوِهِ إذَا ضَرَبَ ضَرْبَةً أَوْ ضَرْبَتَيْنِ وَلَمْ يُوَال فِي الضَّرَبَاتِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَضْرِبَ بِالسَّوْطِ الصَّغِيرِ وَيُوَالِيَ
__________
(1) سورة البقرة / 190.
(2) حديث: " ألا وإن قتيل الخطأ شبه العمد. . . ". أخرجه النسائي (8 / 41) من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وصححه ابن القطان كما في التلخيص لابن حجر (4 / 15) .
(3) حديث: " عقل شبه العمد. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 695) من حديث عبد الله بن عمرو.
فِي الضَّرَبَاتِ إلَى أَنْ يَمُوتَ.
وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا بَيْنَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ.
وَمِنْهَا: مَا قَصَدَ قَتْلَهُ بِمَا يَغْلِبُ فِيهِ الْهَلاَكُ مِمَّا لَيْسَ بِجَارِحٍ وَلاَ طَاعِنٍ، كَمِدَقَّةِ الْقَصَّارِينَ، وَالْحَجَرِ الْكَبِيرِ، وَالْعَصَا الْكَبِيرَةِ وَنَحْوِهَا، فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَمْدٌ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ.
وَقَال جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ إنَّ الْقَتْل شِبْهَ الْعَمْدِ يَكُونُ بِقَصْدِ الْفِعْل وَالشَّخْصِ بِمَا لاَ يَقْتُل غَالِبًا.
وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ صُورَتَيْنِ لِلْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ:
الأُْولَى: أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ عُدْوَانًا بِمَا لاَ يَقْتُل غَالِبًا كَخَشَبَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ أَوْ لَكْزَةٍ وَنَحْوِهَا.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ تَأْدِيبًا وَيُسْرِفَ فِي الضَّرْبِ فَيُفْضِيَ إلَى الْقَتْل. (1)
7 - وَكَمَا يَكُونُ الْقَتْل شِبْهُ الْعَمْدِ بِالْفِعْل يَكُونُ بِالْمَنْعِ، فَإِذَا امْتَنَعَ الْجَانِي عَنْ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ فَأَدَّى هَذَا إلَى قَتْل الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الْقَتْل يُعْتَبَرُ هَذَا الْقَتْل عَمْدًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ يُعْتَبَرُ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأً عِنْدَ بَعْضِهِمْ، كَمَنْ حَبَسَ إنْسَانًا وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ أَوِ.
__________
(1) بدائع الصنائع 7 / 233 بتصرف، روضة الطالبين 9 / 124، والمغني 7 / 650.

الصفحة 333