كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)

يَتَمَكَّنُ بِهَا الْمُصَلِّي مِنَ الإِْتْيَانِ بِالأَْرْكَانِ عَلَى الْوَجْهِ الأَْكْمَل الَّذِي بَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي. (1)
وَإِذَا عَجَزَتْ أَعْضَاءُ الْبَدَنِ عَنِ الإِْتْيَانِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الأَْكْمَل، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ يُعْتَبَرُ قَادِرًا بِمَا يُمْكِنُهُ الإِْتْيَانُ بِهِ وَلَوْ بِإِيمَاءَةٍ بِرَأْسِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الإِْتْيَانُ بِذَلِكَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الصَّلاَةَ مِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي لاَ تَسْقُطُ عَنِ الْمُكَلَّفِ إلاَّ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ، كَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ الْمُطْبِقِ (2) .
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: صَل قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ وَفِي رِوَايَةٍ:
فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا، لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا. (3)

ثَالِثًا - الْقُدْرَةُ عَلَى أَدَاءِ الزَّكَاةِ:
5 - ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى
__________
(1) حديث: " صلوا كما رأيتموني أصلي ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 111) من حديث مالك ابن الحويرث.
(2) الهداية 1 / 77، وجواهر الإكليل 1 / 55، ومغني المحتاج 1 / 151 - 153، وشرح منتهى الإرادات 1 / 270 - 271.
(3) حديث: " صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا. . . ط. أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 487) . والرواية الأخرى عزاها ابن حجر في التلخيص (1 / 225) إلى النسائي.
الأَْدَاءِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى الْفَوْرِ، وَتَتَحَقَّقُ هَذِهِ الْقُدْرَةُ بِحُضُورِ الْمَال وَحُضُورِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ حُضُورِ الإِْمَامِ أَوِ السَّاعِي، لأَِنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ، فَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا إمْكَانُ أَدَائِهَا، كَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الأَْدَاءِ لَيْسَتْ شَرْطًا لِوُجُوبِهَا، لأَِنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ فَيَثْبُتُ وُجُوبُهَا فِي الذِّمَّةِ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ الأَْدَاءِ، كَثُبُوتِ الدُّيُونِ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (زَكَاةٌ ف 14 وَمَا بَعْدَهَا) .

رَابِعًا - الْقُدْرَةُ عَلَى أَدَاءِ الْحَجِّ:
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْحَجِّ الاِسْتِطَاعَةُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} . (1)
وَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إلَى أَنَّ الاِسْتِطَاعَةَ، أَيِ الْقُدْرَةَ تَتَحَقَّقُ بِمَا يَأْتِي:
أ - وُجُودُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَهُوَ وُجُودُ الْمَال الَّذِي يَكْفِي النَّفَقَةَ ذَهَابًا وَإِيَابًا.
ب - سَلاَمَةُ الْبَدَنِ مِنَ الأَْمْرَاضِ وَالْعَاهَاتِ الَّتِي تَعُوقُ عَنِ الْحَجِّ، وَيُعْتَبَرُ الْعَاجِزُ بِنَفْسِهِ قَادِرًا بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ، كَالأَْعْمَى الَّذِي يَجِدُ مَنْ
__________
(1) سورة آل عمران / 97.

الصفحة 348