كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)

ب - الْكِبْرُ:
3 - الْكِبْرُ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ مِنْ كَبُرَ الأَْمْرُ وَالذَّنْبُ كُبْرًا إِذَا عَظُمَ، وَالْكِبْرُ: الْعَظَمَةُ، وَالْكِبْرِيَاءُ مِثْلُهُ. (1)
وَفِي الاِصْطِلاَحِ قَال صَاحِبُ دُسْتُورِ الْعُلَمَاءِ: الْكِبْرُ الرِّفْعَةُ وَالشَّرَفُ، وَالْعَظَمَةُ وَمِنْهُ الْكِبْرِيَاءُ. (2)
قَال ابْنُ حَجَرٍ: الْكِبْرُ الْحَالَةُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا الإِْنْسَانُ مِنْ إِعْجَابِهِ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَرَى نَفْسَهُ أَكْبَرَ مِنْ غَيْرِهِ. (3)
وَالْفَخْرُ يُعْتَبَرُ ثَمَرَةَ الْكِبْرِ (4) .

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 - الْفَخْرُ مِنَ الأُْمُورِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا شَرْعًا فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ:
مِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآْبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ
__________
(1) المصباح المنير.
(2) دستور العلماء 3 / 116.
(3) فتح الباري 10 / 489.
(4) إحياء علوم الدين 3 / 352، ط المكتبة التجارية الكبرى.
بِأَنْفِهَا النَّتِنَ. (1)
قَال الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ رَجُلاَنِ: مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ فَهُوَ الْخَيِّرُ الْفَاضِل، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسِيبًا فِي قَوْمِهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ فَهُوَ الدَّنِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهِ شَرِيفًا رَفِيعًا.
وَقِيل: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُفْتَخِرَ إِمَّا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ فَإِذَنْ لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَلَى أَحَدٍ، أَوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ فَهُوَ ذَلِيلٌ عِنْدَ اللَّهِ وَالذَّلِيل لاَ يَسْتَحِقُّ التَّكَبُّرَ، فَالتَّكَبُّرُ مَنْفِيٌّ بِكُل حَالٍ. (2)
وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ الأَْشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الأَْحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَْنْسَابِ، وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ (3) .
قَال الأَْبِيُّ: يَعْنِي الْفَخْرَ بِهَا مَعَ احْتِقَارِ الْغَيْرِ، لأَِنَّ مُطْلَقَهُ مُعْتَبَرٌ بِدَلِيل طَلَبِ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ. (4)
وَقَدْ عَدَّ الْعُلَمَاءُ، كَالْغَزَالِيِّ وَابْنِ قُدَامَةَ
__________
(1) حديث: " إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عِبّيَّة الجاهلية. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 340) والترمذي (5 / 734) من حديث أبي هريرة والسياق لأبي داود، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(2) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 10 / 455، ط مطبعة الاعتماد، وعون المعبود شرح سنن أبي داود 14 / 21، 22، ط دار الفكر 1979م.
(3) حديث أبي مالك الأشعري: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية. . . " أخرجه مسلم (2 / 644) .
(4) شرح الأبي على صحيح مسلم 3 / 73، ط دار الكتب العلمية.

الصفحة 58