كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 32)

أَوِ الْمُعْتَمِرُ مَحْظُورًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ حَسَبَ الْمَحْظُورِ الَّذِي ارْتَكَبَهُ: فَفِعْل بَعْضِ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ كَالْجِمَاعِ يُفْسِدُ الْحَجَّ كُلِّيَّةً، بَيْنَمَا غَيْرُهُ لاَ يُفْسِدُ الْحَجَّ، وَعَلَيْهِ تَخْتَلِفُ الْفِدْيَةُ الْوَاجِبَةُ فِي هَذَا عَنِ الْفِدْيَةِ الْوَاجِبَةِ فِي ذَاكَ. (1)
وَتَفْصِيل هَذِهِ الْفِدْيَةِ، وَهَل هِيَ مُخَيَّرَةٌ أَوْ مُرَتَّبَةٌ، مُقَدَّرَةٌ أَوْ مُعَدَّلَةٌ؟ وَهَل تَجِبُ بِمُجَرَّدِ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ أَمْ يُشْتَرَطُ لِتَكَامُلِهَا تَكْرَارُ الْفِعْل وَتَعَدُّدُهُ أَوِ اسْتِمْرَارُ ارْتِكَابِهِ لِفَتْرَةٍ زَمَنِيَّةٍ مُحَدَّدَةٍ؟ فِي مُصْطَلَحِ: (حَجٌّ ف 108 وَإِحْرَامٌ ف 145 وَمَا بَعْدَهَا)

الْفَوَاتُ وَالإِْحْصَارُ:
22 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى وُجُوبِ ذَبْحِ الْهَدْيِ عَلَى الْمُحْصَرِ، سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ فَقَطْ، أَوْ بِعُمْرَةٍ فَقَطْ أَوْ كَانَ قَارِنًا، أَيْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا.
وَتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْصَارٌ ف 36 وَمَا بَعْدَهَا) .

ثَالِثًا - فِدَاءُ الأَْسْرَى: الاِفْتِدَاءُ بِالْمَال:
23 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْسِيرَ الْمُسْلِمَ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ يَجِبُ فِدَاؤُهُ وَمِمَّا يُفْدَى بِهِ الْمَال،
__________
(1) انظر المصادر السابقة.
وَيَكُونُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ، وَإِلاَّ فَمِنْ مَال الْمُسْلِمِينَ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِمْ، وَالأَْسِيرُ كَأَحَدِهِمْ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ يَجِبُ الْمَال الَّذِي يُفْدَى بِهِ الأَْسِيرُ عَلَى الأَْسِيرِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلاَّ وَجَبَ فِي بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ إِنْ كَانَ يُعَذَّبُ، وَإِلاَّ نُدِبَ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَسْرَى ف 56)

الاِفْتِدَاءُ بِتَعْلِيمِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُفِيدُهُمْ:
24 - يَجُوزُ افْتِدَاءُ أَسْرَى الْكُفَّارِ، بِتَعْلِيمِهِمُ الْمُسْلِمِينَ مَا يَنْفَعُهُمْ كَتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ أَوْ تَعْلِيمِهِمْ حِرْفَةً كَالْحِدَادَةِ وَالنِّجَارَةِ، أَوْ صِنَاعَةً مِنَ الصِّنَاعَاتِ النَّافِعَةِ، لأَِنَّ تَعْلِيمَ مِثْل هَذِهِ الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ يَقُومُ مَقَامَ الْمَال وَيُقَوَّمُ بِهِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال: كَانَ نَاسٌ مِنَ الأَْسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِدَاءٌ، فَجَعَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِدَاءَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَوْلاَدَ الأَْنْصَارِ الْكِتَابَةَ (1) .

الاِفْتِدَاءُ بِتَبَادُل الأَْسْرَى:
25 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ فِدَاءَ أَسْرَى الْمُشْرِكِينَ بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ، لِمَا رَوَى
__________
(1) البداية والنهاية 3 / 307.، وحديث ابن عباس " كان ناس من الأسرى يوم بدر. . . ". أخرجه أحمد (1 / 417) .

الصفحة 73