كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 33)

أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِّ مَعْنَى حَقِّ الْعَبْدِ، وَهُوَ مُلْتَزِمٌ حُقُوقَ الْعِبَادِ؛ وَلأَِنَّهُ بِقَذْفِ الْمُسْلِمِ يَسْتَخِفُّ بِهِ، وَمَا أُعْطِيَ الأَْمَانَ عَلَى أَنْ يَسْتَخِفَّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَلِهَذَا يُحَدُّ بِقَذْفِ الْمُسْلِمِ (1) .
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (دَارُ الْحَرْبِ ف 5)

ثُبُوتُ حَدِّ الْقَذْفِ: ثُبُوتُهُ بِالشَّهَادَةِ:
16 - يَثْبُتُ الْقَذْفُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلاَ تُقْبَل فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَال فِي قَوْل عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، فَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَال: جَرَتِ السُّنَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، أَنْ لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ، وَلاَ تُقْبَل فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلاَ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي؛ لأَِنَّ مُوجِبَهُ حَدٌّ يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَهُوَ قَوْل النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ.
وَقَال مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْمَذْهَبِ: تُقْبَل فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَفِي كُل حَقٍّ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الأَْصْل، فَيَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، كَمَا يُقْبَل فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي (2) .
__________
(1) المبسوط 9 / 118 - 119.
(2) المبسوط 9 / 111، وبداية المجتهد 2 / 348، والمدونة 4 / 410، ومغني المحتاج 4 / 442 و453، والمغني 9 / 206.
ثُبُوتُهُ بِالإِْقْرَارِ:
17 - وَيَثْبُتُ بِالإِْقْرَارِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَيَجِبُ الْحَدُّ بِإِقْرَارِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِالْقَذْفِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُقْبَل رُجُوعُهُ؛ لأَِنَّ لِلْمَقْذُوفِ فِيهِ حَقًّا، فَيُكَذِّبُهُ فِي الرُّجُوعِ، بِخِلاَفِ مَا هُوَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّهُ لاَ مُكَذِّبَ لَهُ فِيهِ، فَيُقْبَل رُجُوعُهُ (1) .
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِقْرَار ف 59 - 60)
وَمُصْطَلَحَ (رُجُوع ف 38) .

حَدُّ الْقَذْفِ:
18 - حَدُّ الْقَذْفِ لِلْحُرِّ ثَمَانُونَ جَلْدَةً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (2) ، وَيُنَصَّفُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (3) .
وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْجَلْدِ فِي الْحَدِّ، فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (حُدُود ف 46، 47 وَ 48) .

وَيُشْتَرَطُ لإِِقَامَةِ الْحَدِّ بَعْدَ تَمَامِ الْقَذْفِ بِشُرُوطِهِ شَرْطَانِ.
الأَْوَّل: أَنْ لاَ يَأْتِيَ الْقَاذِفُ بِبَيِّنَةٍ لِقَوْل اللَّهِ
__________
(1) فتح القدير 4 / 199، والاختيار 3 / 280 طبعة الإدارة العامة للمعاهد الأزهرية، وجواهر الإكليل 2 / 132، ومغني المحتاج 4 / 157.
(2) سورة النور / 4.
(3) القرطبي سورة النور ص 4554، 4555، وفتح القدير 4 / 192.

الصفحة 13