كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 33)

دَمِ الْعَمْدِ، ثُمَّ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ أَوِ الأَْوْلِيَاءُ كُلُّهُمْ عَاقِلِينَ بَالِغِينَ جَازَ أَنْ يَكُونَ بَدَل الصُّلْحِ هُوَ الدِّيَةُ أَوْ أَقَل مِنْهَا أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا، مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلاً عَلَى سَوَاءٍ، لأَِنَّ الصُّلْحَ مُعَاوَضَةٌ، فَيَكُونُ عَلَى بَدَلٍ يَتَّفِقُ عَلَيْهِ الطَّرَفَانِ بَالِغًا مَا بَلَغَ مَا دَامَا عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (صُلْح ف 31) .

الْقِصَاصُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ:
35 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بِشُرُوطِهِ كَمَا فِي الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَْنْفَ بِالأَْنْفِ وَالأُْذُنَ بِالأُْذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَل اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} . (1)
وَرَوَى أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارَةٍ لَهَا، فَعَرَضُوا عَلَيْهِمُ الأَْرْشَ فَأَبَوْا، وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ، فَجَاءَ أَخُوهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ
__________
(1) سورة المائدة / 45.
لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ قَال: فَعَفَا الْقَوْمُ، ثُمَّ قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأََبَرَّهُ. (1)
وَلأَِنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ كَالنَّفْسِ فِي الْحَاجَةِ إِلَى حِفْظِهِ بِالْقِصَاصِ، فَكَانَ كَالنَّفْسِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ. (2)

أَسْبَابُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ:
36 - لِلْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أَسْبَابٌ هِيَ: إِبَانَةُ الأَْطْرَافِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى الأَْطْرَافِ، وَإِذْهَابُ مَعَانِي الأَْطْرَافِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَالْمَقْصُودُ بِهَا الْمَنَافِعُ، وَالشِّجَاجُ وَهِيَ الْجِرَاحُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، وَالْجِرَاحُ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل أَحْكَامِهَا فِي مُصْطَلَحِ (جِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ ف 13 - 32) وَمُصْطَلَحِ (جِرَاح ف 8 - 10) وَمُصْطَلَحِ (شِجَاج ف 4 - 11) .

شُرُوطُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ:
37 - يُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شُرُوطٌ هِيَ: أَنْ يَكُونَ الْفِعْل عَمْدًا، وَأَنْ
__________
(1) حديث: " إن من عباد الله. . . " سبق تخريجه ف 7.
(2) بدائع الصنائع 7 / 297، والمهذب 2 / 178، وكشاف القناع 5 / 547.

الصفحة 276