كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 33)

وَالرُّويَانِيُّ: إِنَّمَا هِيَ زَعَامَةٌ وَرِيَاسَةٌ، لاَ تَقْلِيدُ حُكْمٍ وَقَضَاءٍ، وَلاَ يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ بِإِلْزَامِهِ بَل بِالْتِزَامِهِمْ وَلاَ يُلْزَمُونَ بِالتَّحَاكُمِ عِنْدَهُ (1) .

وِلاَيَةُ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ:
23 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الَّذِي يَمْلِكُ وِلاَيَةَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ هُوَ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ؛ لأَِنَّ وِلاَيَةَ الْقَضَاءِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ مِنْ جِهَتِهِ كَعَقْدِ الذِّمَّةِ؛ وَلأَِنَّ الإِْمَامَ صَاحِبُ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ، فَلاَ يُفْتَاتُ عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يُفَوِّضَ إِلَى شَخْصٍ تَوْلِيَةَ الْقُضَاةِ، وَلَيْسَ لِمَنْ فَوَّضَهُ الإِْمَامُ فِي ذَلِكَ اخْتِيَارُ نَفْسِهِ وَلاَ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ، وَقِيل: يَجُوزُ إِذَا كَانَا صَالِحَيْنِ لِلْوِلاَيَةِ لأَِنَّهُمَا يَدْخُلاَنِ فِي عُمُومِ الإِْذْنِ مَعَ أَهْلِيَّتِهَا.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ وَلاَ مَنْ يَجُوزُ التَّقَلُّدُ مِنْهُ، أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُول إِلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى أَهْل الْبَلَدِ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجْعَلُونَهُ وَالِيًا فَيُوَلِّي قَاضِيًا، أَوْ يَكُونُ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَهُمْ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَ وُجُودُ الإِْمَامِ أَوِ الاِتِّصَال بِهِ، يَتِمُّ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 355، 428، أدب القاضي للماوردي 1 / 661 - 663، الشرح الصغير 4 / 187، وشرح منتهى الإرادات 3 / 464، ومغني المحتاج 4 / 375.
وَأَهْل الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْعَدَالَةِ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ كَمُلَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْقَضَاءِ، وَيَكُونُ عَقْدُهُمْ نِيَابَةً عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا خَلاَ الْبَلَدُ مِنْ قَاضٍ، فَقَلَّدَ أَهْلُهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قَاضِيًا مِنْهُمْ كَانَ تَقْلِيدُهُمْ لَهُ بَاطِلاً إِنْ كَانَ فِي الْعَصْرِ إِمَامٌ، وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَنْظُرَ بَيْنَهُمْ مُتَوَسِّطًا مَعَ التَّرَاضِي - لاَ مُلْزَمًا - وَإِنْ خَلاَ الْعَصْرُ مِنْ إِمَامٍ فَإِنْ كَانَ يُرْجَى أَنْ يَتَجَدَّدَ إِمَامٌ بَعْدَ زَمَانٍ قَرِيبٍ كَانَ تَقْلِيدُ الْقَاضِي بَاطِلاً، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ تَجْدِيدُ إِمَامٍ قَرِيبٍ وَأَمْكَنَهُمْ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى قَاضِي أَقْرَبِ الْبِلاَدِ إِلَيْهِمْ كَانَ تَقْلِيدُهُمْ لِلْقَاضِي بَاطِلاً، وَيَكُونَ تَقْلِيدُهُمْ لِلْقَاضِي جَائِزًا إِذَا اجْتَمَعَ عَلَى التَّقْلِيدِ جَمِيعُ أَهْل الاِخْتِيَارِ مِنْهُمْ، وَأَمْكَنَهُمْ نَصْرُهُ وَتَقْوِيَةُ يَدِهِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُمُ التَّحَاكُمُ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ قَلَّدَهُ بَعْضُهُمْ نُظِرَ فِي بَاقِيهِمْ إِنْ ظَهَرَ الرِّضَا مِنْهُمْ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَصَارُوا كَالْمُجْتَمِعِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُمُ الإِْنْكَارُ بَطَل التَّقْلِيدُ، فَإِنْ كَانَ لِلْبَلَدِ جَانِبَانِ فَرَضِيَ بِتَقْلِيدِهِ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الآْخَرِ صَحَّ تَقْلِيدُهُ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ وَبَطَل فِي الْجَانِبِ الآْخَرِ لأَِنَّ تَمَيُّزَ الْجَانِبَيْنِ كَتَمَيُّزِ الْبَلَدَيْنِ، فَإِذَا صَحَّتْ وِلاَيَتُهُ نَفَذَتْ أَحْكَامُهُ وَلَزِمَتْ طَوْعًا وَجَبْرًا لاِنْعِقَادِ وِلاَيَتِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا خَلاَ الْبَلَدُ مِنْ

الصفحة 296