كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 33)

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا صَارَ حُجَّةً بِالْكِتَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَتَاكُمُ الرَّسُول فَخُذُوهُ} (1) ، وَكَذَا الإِْجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ (2) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي أَدِلَّةِ حُجِّيَّةِ الْقُرْآنِ وَأُسْلُوبِ الْقُرْآنِ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى الأَْحْكَامِ يُنْظَرُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.

خَصَائِصُ الْقُرْآنِ:

أ - الْكِتَابَةُ فِي الْمَصَاحِفِ:
4 - الْقُرْآنُ هُوَ مَا نُقِل إِلَيْنَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ نَقْلاً مُتَوَاتِرًا، وَقُيِّدَ بِالْمَصَاحِفِ؛ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَالَغُوا فِي نَقْلِهِ وَتَجْرِيدِهِ عَمَّا سِوَاهُ، حَتَّى كَرِهُوا التَّعَاشِيرَ وَالنَّقْطَ كَيْ لاَ يَخْتَلِطَ بِغَيْرِهِ، فَنَعْلَمَ أَنَّ الْمَكْتُوبَ فِي الْمُصْحَفِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ هُوَ الْقُرْآنُ، وَأَنَّ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُ لَيْسَ مِنْهُ، إِذْ يَسْتَحِيل فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مَعَ تَوَافُرِ الدَّوَاعِي عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ أَنْ يُهْمَل بَعْضُهُ فَلاَ يُنْقَل أَوْ يُخْلَطُ بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ (3) .

ب - التَّوَاتُرُ:
5 - لاَ خِلاَفَ أَنَّ كُل مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ يَجِبُ
__________
(1) سورة الحشر / 7.
(2) شرح المنار وحواشيه من علم الأصول ص 25 ط. دار سعادت.
(3) روضة الناظر لابن قدامة المقدسي ص 34 ط. دار الكتب العلمية، والمستصفى 1 / 101.
أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فِي أَصْلِهِ وَأَجْزَائِهِ، وَأَمَّا فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ فَعِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْل السُّنَّةِ كَذَلِكَ، أَيْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا (1) .
فَقَدْ جَاءَ فِي مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ وَشَرْحِهِ فَوَاتِحِ الرَّحَمُوتِ: مَا نُقِل آحَادًا فَلَيْسَ بِقُرْآنٍ قَطْعًا، وَلَمْ يُعْرَفْ فِيهِ خِلاَفٌ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْل الْمَذَاهِبِ، وَاسْتَدَل بِأَنَّ الْقُرْآنَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ لِتَضَمُّنِهِ التَّحَدِّيَ؛ وَلأَِنَّهُ أَصْل الأَْحْكَامِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالنَّظْمِ جَمِيعًا حَتَّى تَعَلَّقَ بِنَظْمِهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ؛ وَلأَِنَّهُ يُتَبَرَّكُ بِهِ فِي كُل عَصْرٍ بِالْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ، وَلِذَا عُلِمَ جَهْدُ الصَّحَابَةِ فِي حِفْظِهِ بِالتَّوَاتُرِ الْقَاطِعِ، وَكُل مَا تَتَوَفَّرُ دَوَاعِي نَقْلِهِ يُنْقَل مُتَوَاتِرًا عَادَةً، فَوُجُودُهُ مَلْزُومٌ لِلتَّوَاتُرِ عِنْدَ الْكُل عَادَةً، فَإِذَا انْتَفَى اللاَّزِمُ وَهُوَ التَّوَاتُرُ انْتَفَى الْمَلْزُومُ قَطْعًا، وَالْمَنْقُول آحَادًا لَيْسَ مُتَوَاتِرًا، فَلَيْسَ قُرْآنًا.
كَمَا جَاءَ فِيهِ: عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ آيِ كُل سُورَةٍ تَوْقِيفِيٌّ بِأَمْرِ اللَّهِ وَبِأَمْرِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى هَذَا انْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ، وَجَاءَ أَيْضًا: بَقِيَ أَمْرُ تَرْتِيبِ السُّوَرِ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَمْرِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيل هَذَا التَّرْتِيبُ بِاجْتِهَادٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. . . وَالْحَقُّ هُوَ الأَْوَّل (2) .
__________
(1) البرهان في علوم القرآن 2 / 125.
(2) فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت مع المستصفى 2 / 9.

الصفحة 31