كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 33)

الْقَوْل الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ أَنَّ اتِّخَاذَ الْكَاتِبِ أَمْرٌ وُجُوبِيٌّ (1) .

أَعْوَانُ الْقَاضِي:
44 - يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ أَعْوَانًا يَكُونُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ لأَِنَّ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ مَجْلِسُ هَيْبَةٍ، فَلَوْ لَمْ يَتَّخِذْ أَعْوَانًا رُبَّمَا يُسْتَخَفُّ بِالْقَاضِي فَتَذْهَبُ مَهَابَتُهُ؛ وَلأَِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى إِحْضَارِ الْخُصُومِ، وَالأَْعْوَانُ هُمُ الَّذِينَ يُحْضِرُونَ الْخُصُومَ إِلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَيَزْجُرُونَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الزَّجْرَ مِنَ الْخُصُومِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَؤُلاَءِ مِنْ ذَوِي الدِّينِ وَالأَْمَانَةِ وَالْبُعْدِ عَنِ الطَّمَعِ (2) .

حَاجِبُ الْقَاضِي:
45 - الْحَاجِبُ - هُنَا - مَنْ يَقُومُ بِإِدْخَال الْخُصُومِ عَلَى الْقَاضِي وَيُرَتِّبُهُمْ فَيُقَدِّمُ مَنْ حَضَرَ أَوَّلاً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا، وَيَمْنَعُ الْخُصُومَ مِنَ التَّدَافُعِ عَلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ اتِّخَاذِ الْقَاضِي حَاجِبًا، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَالْمَرْجِعُ فِيهِ عِنْدَهُمُ الشَّرْعُ فَقَدْ اتَّخَذَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ حُجَّابًا.
__________
(1) الدسوقي 4 / 138، الشرح الصغير 4 / 202، بدائع الصنائع 7 / 12، مغني المحتاج 4 / 338، 389، المغني 9 / 72، أدب القضاء لابن أبي الدم ص 109.
(2) شرح أدب القاضي - للصدر الشهيد 1 / 244، أدب القضاء لابن أبي الدم ص 108.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لاَ يَتَّخِذَ حَاجِبًا يَحْجُبُ النَّاسَ عَنِ الْوُصُول إِلَيْهِ، لِمَا رَوَى أَبُو مَرْيَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ (1) ؛ وَلأَِنَّ حَاجِبَ الْقَاضِي رُبَّمَا قَدَّمَ الْمُتَأَخِّرَ وَأَخَّرَ الْمُتَقَدِّمَ لِغَرَضٍ لَهُ، وَلاَ بَأْسَ عِنْدَهُمْ بِاتِّخَاذِ حَاجِبٍ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَفِي حَال الزَّحْمَةِ وَكَثْرَةِ النَّاسِ، وَقَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا، وَعَلَّقَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْحَمَوِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لاَ سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا مَعَ فَسَادِ الْعَوَامِّ، وَلِكُل زَمَنٍ أَحْوَالٌ وَمَرَاسِمُ تَقْتَضِيهِ وَتُنَاسِبُهُ. . . وَكَلاَمُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا، مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا قَصَدَ بِالْحَاجِبِ الاِحْتِجَابَ عَنِ النَّاسِ وَالاِكْتِفَاءَ بِهِ، أَوْ حَالَةَ الْخَوْفِ مِنِ ارْتِشَاءِ الْحَاجِبِ (2) ، وَتَفْصِيل شُرُوطِ الْحَاجِبِ وَآدَابِهِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (حَاجِب ف 9) .
__________
(1) حديث: " من ولاه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين. . " أخرجه أبو داود (3 / 357) ، والحاكم (4 / 94) من حديث أبي مريم الأزدي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2) أدب القضاء للحموي ص 106، أدب القاضي للماوردي 1 / 204 طبع بغداد.

الصفحة 310