كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 33)
الْوَجْهُ الأَْوَّل: أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الاِسْتِحْقَاقِ فِي حَادِثَةٍ لاَ يَكُونُ مَقْضِيًّا لَهُ أَبَدًا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ.
أَمَّا الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ فِي حَادِثَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُقْضَى لَهُ إِذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ، مِثَالُهُ: إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَال الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلاً: إِنَّهُ مَالِي، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ بِالطَّلَبِ، حُكِمَ عَلَى الْمُدَّعِي بِقَضَاءِ التَّرْكِ، فَإِذَا أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ يُحْكَمُ لَهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: إِذَا ادَّعَى شَخْصٌ ثَالِثٌ بِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ هُوَ مَالُهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي قَضَاءِ التَّرْكِ، وَلاَ تُسْمَعُ فِي قَضَاءِ الاِسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ يَدَّعِ تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ جِهَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ فَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ (1) .
ج - الْقَضَاءُ الْقَوْلِيُّ وَالْقَضَاءُ الْفِعْلِيُّ:
84 - مَا يُصْدِرُهُ الْقَاضِي فِي حُدُودِ وِلاَيَتِهِ وَضِمْنِ اخْتِصَاصِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلِيًّا بِأَلْفَاظٍ تَدُل عَلَى الإِْلْزَامِ، كَأَلْزَمْتُ وَقَضَيْتُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدِي - عِنْدَ مَنْ يَقُول بِأَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ - أَوْ تَدُل عَلَى التَّرْكِ، كَمَنَعْتُ الْمُدَّعِيَ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ الْقَوْلِيُّ قَصْدِيًّا، وَيَدْخُل الضِّمْنِيُّ تَبَعًا كَمَنْ يَدَّعِي
__________
(1) المادة / 1786 من مجلة الأحكام العدلية وشرحها / علي حيدر 4 / 519، 521.
عَلَى كَفِيلٍ بِالْمَال مُقِرٍّ بِالْكَفَالَةِ مُنْكِرٍ لِلدَّيْنِ، فَبَرْهَنَ عَلَى الْكَفِيل بِالدَّيْنِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا، كَانَ قَضَاءً عَلَيْهِ قَصْدًا، وَعَلَى الأَْصِيل الْغَائِبِ ضِمْنًا، وَيُشْتَرَطُ لِلْقَوْلِيِّ سَبْقُ الدَّعْوَى.
أَوْ يَكُونُ فِعْلاً: وَفِعْل الْقَاضِي عَلَى وَجْهَيْنِ: أَوَّلاً: مَا لاَ يَكُونُ مَوْضِعًا لِلْحُكْمِ كَمَا لَوْ أَذِنَتْهُ مُكَلَّفَةٌ بِتَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا، فَفِعْلُهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ لأَِنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهَا.
ثَانِيًا: مَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْحُكْمِ كَتَزْوِيجِ صَغِيرَةٍ لاَ وَلِيَّ لَهَا، فَعِنْدَ الْبَعْضِ أَنَّهُ حُكْمٌ، وَقَال آخَرُونَ: الأَْوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ لاِنْتِفَاءِ شَرْطِهِ أَيْ مِنَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الْحُكْمِ الْفِعْلِيِّ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِهِ (1) .
أَثَرُ الْحُكْمِ فِي تَحْوِيل الشَّيْءِ عَنْ صِفَتِهِ:
85 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي الْمُسْتَوْفِيَ لِشُرُوطِهِ، لاَ يُزِيل الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ، فَلاَ يُحِل الْحَرَامَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ إِذَا كَانَ كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ وَلاَ يُحَرِّمُ الْحَلاَل؛ لأَِنَّ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 423، 424، وكشاف القناع 6 / 322.
الصفحة 337