كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 33)

مِنْهَا، غَيْرُ مُلْزَمٍ بِالإِْتْيَانِ بِهَا كُلِّهَا، فَلَوْ أَتَى بِوَجْهٍ وَاحِدٍ مِنْهَا أَجْزَأَهُ، وَلاَ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ تَقْصِيرًا مِنْهُ، وَلاَ نَقْصًا فِي رِوَايَتِهِ.
وَهَذِهِ الأَْوْجُهُ الاِخْتِيَارِيَّةُ لاَ يُقَال لَهَا قِرَاءَاتٌ، وَلاَ رِوَايَاتٌ، وَلاَ طُرُقٌ، بَل يُقَال لَهَا أَوْجُهٌ فَقَطْ (1) .

أَنْوَاعُ الْقِرَاءَاتِ:
5 - قَال الإِْمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ: جَمِيعُ مَا رُوِيَ فِي الْقُرْآنِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ يُقْرَأُ بِهِ الْيَوْمَ، وَذَلِكَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ ثَلاَثُ خِلاَلٍ وَهُنَّ: أَنْ يُنْقَل عَنِ الثِّقَاتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونَ وَجْهُهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي نَزَل بِهَا الْقُرْآنُ سَائِغًا، وَيَكُونَ مُوَافِقًا لِخَطِّ الْمُصْحَفِ، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِلاَل الثَّلاَثُ قُرِئَ بِهِ، وَقُطِعَ عَلَى مَغِيبِهِ وَصِحَّتِهِ وَصِدْقِهِ؛ لأَِنَّهُ أُخِذَ عَنْ إِجْمَاعٍ مِنْ جِهَةِ مُوَافَقَةِ خَطِّ الْمُصْحَفِ، وَكَفَرَ مَنْ جَحَدَهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا صَحَّ نَقْلُهُ عَنِ الآْحَادِ، وَصَحَّ وَجْهُهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَخَالَفَ لَفْظُهُ خَطَّ الْمُصْحَفِ، فَهَذَا يُقْبَل وَلاَ يُقْرَأُ بِهِ لِعِلَّتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ بِإِجْمَاعٍ، إِنَّمَا أُخِذَ بِأَخْبَارِ الآْحَادِ، وَلاَ يَثْبُتُ قُرْآنٌ يُقْرَأُ بِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
__________
(1) إتحاف فضلاء البشر 17 - 18، والبدور الزاهرة ص 10.
وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدْ أُجْمِعَ عَلَيْهِ، فَلاَ يُقْطَعُ عَلَى مَغِيبِهِ وَصِحَّتِهِ، وَمَا لَمْ يُقْطَعْ عَلَى صِحَّتِهِ لاَ يَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهِ، وَلاَ يَكْفُرُ مَنْ جَحَدَهُ، وَلَبِئْسَ مَا صَنَعَ إِذَا جَحَدَهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: هُوَ مَا نَقَلَهُ غَيْرُ ثِقَةٍ، أَوْ نَقَلَهُ ثِقَةٌ وَلاَ وَجْهَ لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَهَذَا لاَ يُقْبَل وَإِنْ وَافَقَ خَطَّ الْمُصْحَفِ.
وَقَدْ نَقَل ابْنُ الْجَزَرِيِّ وَالسُّيُوطِيُّ كَلاَمَ أَبِي مُحَمَّدٍ مَكِّيٍّ (1) .
6 - وَتَنْقَسِمُ الْقِرَاءَاتُ مِنْ حَيْثُ السَّنَدُ إِلَى الأَْنْوَاعِ الآْتِيَةِ:
الأَْوَّل: الْمُتَوَاتِرُ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ جَمْعٌ لاَ يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، عَنْ مِثْلِهِمْ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَغَالِبُ الْقِرَاءَاتِ كَذَلِكَ.
الثَّانِي: الْمَشْهُورُ، وَهُوَ مَا صَحَّ سَنَدُهُ وَلَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الْمُتَوَاتِرِ، وَوَافَقَ الْعَرَبِيَّةَ وَالرَّسْمَ، وَاشْتَهَرَ عِنْدَ الْقُرَّاءِ فَلَمْ يَعُدُّوهُ مِنَ الْغَلَطِ، وَلاَ مِنَ الشُّذُوذِ، وَيُقْرَأُ بِهِ، وَمِثَالُهُ مَا اخْتَلَفَتِ الطُّرُقُ فِي نَقْلِهِ عَنِ السَّبْعَةِ، فَرَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْهُمْ دُونَ بَعْضٍ.
الثَّالِثُ: الآْحَادُ، وَهُوَ مَا صَحَّ سَنَدُهُ، وَخَالَفَ الرَّسْمَ أَوِ الْعَرَبِيَّةَ، أَوْ لَمْ يَشْتَهِرِ
__________
(1) النشر في القراءات العشر 1 / 14 ط، المكتبة التجارية الكبرى. والإتقان في علوم القرآن 1 / 76 ط. مصطفى الحلبي 1935 م.

الصفحة 43