كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 33)
الصَّلاَةِ يَتَحَقَّقُ بِقِرَاءَةِ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} . (1)
أَمَّا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فَهِيَ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلاَةِ وَلَيْسَتْ بِرُكْنٍ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (صَلاَة ف 38) .
وَيَقْصِدُونَ بِالآْيَةِ هُنَا الطَّائِفَةَ مِنَ الْقُرْآنِ مُتَرْجَمَةً - أَيِ اعْتُبِرَ لَهَا مَبْدَأٌ وَمَقْطَعٌ - وَأَقَلُّهَا سِتَّةُ أَحْرُفٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَمْ يَلِدْ} . (2)
وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: أَدْنَى مَا يُجْزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاَةِ ثَلاَثُ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ (3) .
مَا يُسَنُّ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاَةِ:
5 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ.
كَمَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ قِرَاءَةَ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ، فَإِنْ أَتَى بِهَا انْتَفَتِ الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ، أَمَّا مَا يَحْصُل بِهِ أَصْل السُّنَّةِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي
__________
(1) سورة المزمل / 20.
(2) سورة الإخلاص / 3.
(3) حاشية ابن عابدين 1 / 300، 360، وفتح القدير 1 / 234، وحاشية الدسوقي 1 / 231، 236، ومغني المحتاج 1 / 155، 156، وكشاف القناع 1 / 336، 386.
مُصْطَلَحِ: (صَلاَة ف 66) .
كَمَا سَبَقَ تَفْصِيل مَا يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَهُ مِنَ الْمُفَصَّل فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَة ف 66) .
لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْمُفَصَّل:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ طِوَال الْمُفَصَّل مِنَ (الْحُجُرَاتِ) إِلَى (الْبُرُوجِ) ، وَالأَْوْسَاطَ مِنْهَا إِلَى (لَمْ يَكُنْ) ، وَالْقِصَارَ مِنْهَا إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ طِوَال الْمُفَصَّل مِنَ (الْحُجُرَاتِ) إِلَى (النَّازِعَاتِ) ، وَأَوْسَاطُهُ مِنْ (عَبَسَ) إِلَى (الضُّحَى) ، وَقِصَارُهُ مِنَ (الضُّحَى) إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: طِوَال الْمُفَصَّل كَالْحُجُرَاتِ وَاقْتَرَبَتْ وَالرَّحْمَنُ، وَأَوْسَاطُهُ كَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى، وَقِصَارُهُ كَالْعَصْرِ وَقُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ أَوَّل الْمُفَصَّل سُورَةُ ق، لِحَدِيثِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَال: " سَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ؟ قَالُوا: ثَلاَثٌ وَخَمْسٌ، وَسَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَحِزْبُ الْمُفَصَّل وَحْدَهُ ". (1)
قَالُوا: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ أَوَّل الْمُفَصَّل
__________
(1) حديث أوس بن حذيفة: سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود (2 / 116) .
الصفحة 48