كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

وَلاَ يُعْرَفُ هَذَا التَّقْسِيمُ لِغَيْرِهِمْ.

ز - تَرْكُ التَّكَلُّمِ بِذِكْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ:
10 - أَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَفِيهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ قَوْلاَنِ:
الأَْوَّل: أَنَّهَا حَرَامٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلٌ لِلْحَنَابِلَةِ (1) .
قَال الْجَمَل: إِنَّ الْكَلاَمَ مَكْرُوهٌ وَلَوْ بِالْقُرْآنِ خِلاَفًا لِلأَْذْرَعِيِّ حَيْثُ قَال بِتَحْرِيمِهِ.
11 - وَأَمَّا مَا عَدَا الْقُرْآنَ: فَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّكَلُّمِ حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِيهِ خِلاَفٌ لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، قَال الْخَرَشِيُّ: إِنَّمَا طُلِبَ السُّكُوتُ لأَِنَّ ذَلِكَ الْمَحَل مِمَّا يَجِبُ سَتْرُهُ وَإِخْفَاؤُهُ وَالْمُحَادَثَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ ذَلِكَ، وَالْحُجَّةُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْل الْجُمْهُورِ (2) ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ يَخْرُجِ الرَّجُلاَنِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ (3) ،
__________
(1) الشرح الصغير وبلغة السالك 1 / 36، والخرشي 1 / 144، والجمل على المنهج 1 / 87، وكشاف القناع 1 / 63.
(2) المجموع 2 / 89.
(3) (1) حديث: " لا يخرج الرجلان يضربان الغائط. ". أخرجه أبو داود (1 / 22) ، وابن خزيمة (1 / 39) من حديث أبي سعيد الخدري وأشار إلى إعلاله.
وَمَا رَوَاهُ الْمُهَاجِرُ بْنُ قُنْفُذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُول فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَال: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَل إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ (1) وَمَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: إِنَّ رَجُلاً مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُول، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ فَلاَ تُسَلِّمْ عَلَيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ (2) .
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَوْلاً أَوْ غَائِطًا، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّكَلُّمُ كَذَلِكَ فِي مَوْضِعِ الْخَلاَءِ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ (3) .
وَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِاسْتِثْنَاءِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ، قَال النَّوَوِيُّ: كَأَنْ رَأَى ضَرِيرًا يَقَعُ فِي بِئْرٍ، أَوْ رَأَى حَيَّةً أَوْ غَيْرَهَا تَقْصِدُ إِنْسَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمُحْتَرَمَاتِ، فَلاَ كَرَاهَةَ فِي الْكَلاَمِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بَل يَجِبُ فِي أَكْثَرِهَا، قَال الْقَلْيُوبِيُّ: يَجِبُ لِلضَّرُورَةِ
__________
(1) حديث المهاجر بن قنفذ: " أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 23) ، والحاكم (1 / 167) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2) حديث جابر بن عبد الله: " أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 126) ، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 102) .
(3) ابن عابدين 1 / 229، والهندية 1 / 50.

الصفحة 10