كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)
فَإِنْ رَجَعَ، أَحَدُ التَّوْأَمَيْنِ إِلَى الآْخَرِ قُبِل، وَيُؤْمَرُ الْبَالِغُ بِالاِنْتِسَابِ إِلَى أَحَدِهِمَا، وَمَتَى أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ الآْخَرُ أَوْ أَنْكَرَاهُ؛ لأَِنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ فَلاَ يَثْبُتُ بِالإِْنْكَارِ مِنْ غَيْرِهِ وَيُنْفِقَانِ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْقَائِفِ أَوْ يَنْتَسِبَ، وَيَرْجِعَ بِالنَّفَقَةِ مَنْ لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ عَلَى مَنْ لَحِقَهُ إِنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ، وَيَقْبَلاَنِ لَهُ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أُوصِيَ لَهُ بِهَا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ؛ لأَِنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ، وَنَفَقَةُ الْحَامِل عَلَى الْمُطَلِّقِ فَيُعْطِيهَا لَهَا وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الآْخَرِ إِنْ أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِالآْخَرِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْل الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ عُرِضَ عَلَيْهِ مَيِّتًا، لاَ إِنْ تَغَيَّرَ أَوْ دُفِنَ، وَإِنْ مَاتَ مُدَّعِيهِ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ مَعَ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ وَنَحْوِهِ مِنْ سَائِرِ الْعَصَبَةِ (1) .
وَرَجَّحَ الْحَنَابِلَةُ إِطْلاَقَ الْعَمَل بِقَوْل الْقَافَةِ، فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِوَاحِدٍ مِنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ لَحِقَ بِهِ، وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِاثْنَيْنِ لَحِقَ بِهِمَا، وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِأَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْنِ الْتُحِقَ بِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا؛ لأَِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لأَِجْلِهِ أُلْحِقَ بِالاِثْنَيْنِ مَوْجُودٌ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ، وَدَلِيل الْحَنَابِلَةِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا وَلَدًا كِلاَهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ
__________
(1) مغني المحتاج 4 / 490، 491.
ابْنُهُ، فَدَعَا عُمَرُ لَهُمَا بِالْقَافَةِ فَنَظَرُوا وَقَالُوا نَرَاهُ يُشْبِهُهُمَا فَأَلْحَقَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِهِمَا وَجَعَلَهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ (1) .
وَإِنِ ادَّعَتِ امْرَأَتَانِ نَسَبَ وَلَدٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَرْجِيحُ قَوْل إِحْدَاهُمَا بِبَيِّنَةٍ، فَفِيهِ الاِخْتِلاَفُ السَّابِقُ (2) .
الإِْثْبَاتُ بِقِيَافَةِ الأَْثَرِ فِي الْمُعَامَلاَتِ:
11 - ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ جَوَازَ اعْتِمَادِ الْقَاضِي عَلَى الْقِيَافَةِ فِي الْمُعَامَلاَتِ وَالأَْمْوَال، يَقُول: وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُحْكَمَ بِالْقِيَافَةِ فِي الأَْمْوَال كُلِّهَا، كَمَا حَكَمْنَا بِذَلِكَ فِي الْجِذْعِ الْمَقْلُوعِ إِذَا كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ فِي الدَّارِ، وَكَمَا حَكَمْنَا فِي الاِشْتِرَاكِ فِي الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ بِمَا يَظْهَرُ مِنَ الْيَدِ الْعُرْفِيَّةِ، فَأَعْطَيْنَا كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مَا يُنَاسِبُهُ فِي الْعَادَةِ، وَكُل وَاحِدٍ مِنَ الصَّانِعَيْنِ مَا يُنَاسِبُهُ، وَكَمَا حَكَمْنَا بِالْوَصْفِ فِي اللُّقَطَةِ إِذَا تَدَاعَاهَا اثْنَانِ، وَهَذَا نَوْعُ قِيَافَةٍ أَوْ شَبِيهٌ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَا غِرَاسًا أَوْ تَمْرًا فِي أَيْدِيهِمَا، فَشَهِدَ أَهْل الْخِبْرَةِ أَنَّهُ مِنْ هَذَا الْبُسْتَانِ، وَيَرْجِعُ إِلَى أَهْل الْخِبْرَةِ حَيْثُ يَسْتَوِي الْمُتَدَاعِيَانِ، كَمَا رُجِعَ إِلَى أَهْل الْخِبْرَةِ بِالنَّسَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ لِبَاسًا مِنْ لِبَاسِ أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ، أَوْ تَنَازَعَا
__________
(1) منتهى الإرادات 2 / 488.
(2) المغني 5 / 775، وبداية المجتهد 2 / 328، ومغني المحتاج 4 / 490 - 491، والمهذب 1 / 572.
الصفحة 103