كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الأَْزْمِنَةِ؛ لأَِنَّ تَرْكَهُ صَارَ قَطِيعَةً (1) .
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَل عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا (2) .
وَوَرَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَال: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ قُمْنَا لَهُ حَتَّى يَدْخُل بَيْتَهُ (3) .
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا، فَقُمْنَا لَهُ، فَقَال: لاَ تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الأَْعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا (4) .
وَوَرَدَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا
__________
(1) القليوبي 3 / 213.
(2) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت عليه فاطمة. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 700) من حديث عائشة، وقال: حديث حسن غريب.
(3) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج قمنا له. . . ". أورده الهيثمي في مجمع الزاوئد (8 / 40) وعزاه إلى البزار وقال: رجاله ثقات.
(4) حديث ابن أمامة: " لا تقوموا كما تقوم الأعاجم. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 398) ، ونقل ابن حجر في الفتح (11 / 50) عن الطبري ضعفه بالاضطراب في السند وجهالة فيه.
إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا، لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ (1) .

الْقِيَامُ فِي الْعُقُوبَاتِ:
إِقَامَةُ الْحَدِّ جَلْدًا أَوْ رَجْمًا أَثْنَاءَ الْقِيَامِ أَوِ الْقُعُودِ:
23 - إِذَا كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا فِي الزِّنَا وَالْقَذْفِ، فَيُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الرَّجُل قَائِمًا، وَلَمْ يُوثَقْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُحْفَرْ لَهُ، سَوَاءٌ أَثَبَتَ الزِّنَا بِبَيِّنَةٍ أَمْ بِإِقْرَارٍ، وَتُضْرَبُ الْمَرْأَةُ قَاعِدَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (2)) ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لِلْمَرْأَةِ، وَلِقَوْل عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يُضْرَبُ الرِّجَال فِي الْحُدُودِ قِيَامًا وَالنِّسَاءُ قُعُودًا.
وَذَهَبَ الإِْمَامُ مَالِكٌ (3) إِلَى أَنَّ الرَّجُل يُضْرَبُ قَاعِدًا، وَكَذَا الْمَرْأَةُ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا، كَمَا فِي رَجْمِ الزُّنَاةِ الْمُحْصَنِينَ، فَتُرْجَمُ الْمَرْأَةُ بِالاِتِّفَاقِ قَاعِدَةً.
وَيُخَيَّرُ الإِْمَامُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْحَفْرِ لَهَا: إِنْ شَاءَ حَفَرَ لَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْحَفْرَ، أَمَّا الْحَفْرُ؛ فَلأَِنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا، وَقَدْ رُوِيَ {أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفَرَ لِلْمَرْأَةِ الْغَامِدِيَّةِ إِلَى ثَنْدُوَتِهَا (أَيْ
__________
(1) حديث أنس: " لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 90) وقال: حديث حسن صحيح.
(2) فتح القدير مع العناية 4 / 128، والمغني 8 / 158، وبداية المجتهد 2 / 429.
(3) بداية المجتهد 2 / 429.

الصفحة 116