كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)
ثَدْيِهَا) ، وَأَمَّا تَرْكُ الْحَفْرِ فَلأَِنَّ الْحَفْرَ لِلسَّتْرِ، وَهِيَ مَسْتُورَةٌ بِثِيَابِهَا؛ لأَِنَّهَا لاَ تُجَرَّدُ عِنْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ.
وَهَذَا قَوْل بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا بِالْحَفْرِ لِلْمَرْأَةِ إِلَى الصَّدْرِ إِنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ، أَمَّا إِنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالإِْقْرَارِ، فَلَمْ يُحْفَرْ لَهَا.
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اسْتِحْبَابُ الْحَفْرِ لِلْمَرْأَةِ إِنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ لِئَلاَّ تَنْكَشِفَ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا ثَبَتَ زِنَاهَا بِالإِْقْرَارِ، لِتَتَمَكَّنَ مِنَ الْهَرَبِ إِنْ رَجَعَتْ عَنْ إِقْرَارِهَا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الرَّاجِحِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُحْفَرُ لِلْمَرْأَةِ وَلاَ لِلرَّجُل، لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: أَكْثَرُ الأَْحَادِيثِ عَلَى تَرْكِ الْحَفْرِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْفِرْ لِلْجُهَنِيَّةِ وَلاَ لِمَاعِزٍ وَلاَ لِلْيَهُودِيَّيْنِ.
وَأَمَّا الرَّجُل فَيُرْجَمُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ قَائِمًا، وَقَال مَالِكٌ: يُرْجَمُ قَاعِدًا (1) .
__________
(1) فتح القدير 4 / 129، والقوانين الفقهية: ص356، وبداية المجتهد 2 / 429، والمجموع 18 / 275، 283، ومغني المحتاج 4 / 153 - 154، والمغني 8 / 158 وما بعدها.
قِيَامُ اللَّيْل
التَّعْرِيفُ:
1 - (الْقِيَامُ فِي اللُّغَةِ: نَقِيضُ الْجُلُوسِ) .
وَاللَّيْل فِي اللُّغَةِ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ (1) .
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: قَضَاءُ اللَّيْل وَلَوْ سَاعَةً بِالصَّلاَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا لأَِكْثَرِ اللَّيْل.
وَيَرَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ يَحْصُل بِصَلاَةِ الْعِشَاءِ جَمَاعَةً وَالْعَزْمِ عَلَى صَلاَةِ الصُّبْحِ جَمَاعَةً، لِقَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْل، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْل كُلَّهُ (2) » .
وَجَاءَ فِي مَرَاقِي الْفَلاَحِ: مَعْنَى الْقِيَامِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَغِلاً مُعْظَمَ اللَّيْل بِطَاعَةٍ، وَقِيل: سَاعَةً مِنْهُ، يَقْرَأُ الْقُرْآنَ أَوْ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ أَوْ
__________
(1) القاموس المحيط، والمصباح المنير.
(2) حديث: " من صلى العشاء في جماعة. . . ". أخرجه مسلم (1 / 454) من حديث عثمان بن عفان.
الصفحة 117