كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)
وَالْجَهْرِ إِنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا (1) .
د - إِيقَاظُ مِنْ يُرْجَى تَهَجُّدُهُ:
17 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَامَ يَتَهَجَّدُ أَنْ يُوقِظَ مَنْ يَطْمَعُ فِي تَهَجُّدِهِ إِذَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا (2) ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْل وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ (3) .
هـ - إِطَالَةُ الْقِيَامِ وَتَكْثِيرُ الرَّكَعَاتِ:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ فِي قَوْلٍ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّ طُول الْقِيَامِ أَفْضَل مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ، فَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا مَثَلاً وَطَوَّل الْقِيَامَ أَفْضَل مِمَّنْ صَلَّى ثَمَانِيًا وَلَمْ يُطَوِّلْهُ، لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِطُول الْقِيَامِ، وَلِقَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْضَل الصَّلاَةِ طُول الْقُنُوتِ (4) وَالْقُنُوتُ: الْقِيَامُ.
؛ وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرُ صَلاَتِهِ التَّهَجُّدَ، وَكَانَ يُطِيلُهُ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُدَاوِمُ إِلاَّ عَلَى الأَْفْضَل.
__________
(1) حاشية الدسوقي 1 / 313، وحاشية الجمل 1 / 496.
(2) حاشية الجمل 1 / 496.
(3) حديث: " من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 147) ، والحاكم (1 / 316) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(4) حديث: " أفضل الصلاة طول القنوت ". أخرجه مسلم (1 / 520) من حديث جابر بن عبد الله.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ قَوْلَهُمْ: هَذَا إِنْ صَلَّى قَائِمًا، فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَالأَْقْرَبُ أَنَّ كَثْرَةَ الْعَدَدِ أَفْضَل، لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْقُعُودِ الَّذِي لاَ مَشَقَّةَ فِيهِ، حَيْثُ زَادَتْ كَثْرَةُ الْعَدَدِ بِالرُّكُوعَاتِ وَالسُّجُودَاتِ وَغَيْرِهَا.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وِرْدٌ فَطُول الْقِيَامِ أَفْضَل، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ وِرْدٌ مِنَ الْقُرْآنِ يَقْرَؤُهُ، فَكَثْرَةُ السُّجُودِ أَفْضَل (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّ الأَْفْضَل كَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ، فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً (2) ؛ وَلأَِنَّ السُّجُودَ فِي نَفْسِهِ أَفْضَل وَآكَدُ، بِدَلِيل أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَل، وَلاَ يُبَاحُ بِحَالٍ إِلاَّ لِلَّهِ تَعَالَى، بِخِلاَفِ الْقِيَامِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ فِي النَّفْل، وَيُبَاحُ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ لِلْوَالِدَيْنِ، وَالْحَاكِمِ، وَسَيِّدِ الْقَوْمِ وَالاِسْتِكْثَارُ مِمَّا هُوَ آكَدُ وَأَفْضَل أَوْلَى.
وَلِلْحَنَابِلَةِ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، لِتَعَارُضِ الأَْخْبَارِ فِي ذَلِكَ (3) .
__________
(1) بدائع الصنائع 1 / 295.
(2) حديث: " عليك بكثرة السجود. . . ". أخرجه مسلم (1 / 353) من حديث ثوبان.
(3) بدائع الصنائع 1 / 215، وحاشية الدسوقي 1 / 319، وحاشية الجمل 1 / 493، والمغني لابن قدامة 2 / 140 - 141، ونيل المآرب 1 / 163.
الصفحة 126