كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

يَمْنَعُ الشُّمُول أَنَّ الْبَالُوعَةَ فِي قُوَّةِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (يَعْنِي فَلاَ يُكْرَهُ) (1) .
هَذَا وَقَدْ فَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنَ الثَّقْبِ، فَيُكْرَهُ الْبَوْل فِيهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا، فَفِي قَوْلٍ يُكْرَهُ، خِيفَةَ حَشَرَاتٍ تَنْبَعِثُ عَلَيْهِ مِنَ الْكُوَّةِ، وَقِيل: يُبَاحُ لِبُعْدِهِ مِنَ الْحَشَرَاتِ إِنْ كَانَتْ فِيهَا (2) .

الْبَوْل فِي الآْنِيَةِ:
26 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ بَأْسَ بِالْبَوْل فِي إِنَاءٍ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، لَقَدْ دَعَا بِالطَّسْتِ لِيَبُول فِيهَا، فَانْخَنَثَتْ نَفْسُهُ (3) ، وَمَا أَشْعُرُ، فَإِلَى مَنْ أَوْصَى (4) . وَلِحَدِيثِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحٌ مِنْ عَيْدَانٍ (5) ، يَبُول فِيهِ وَيَضَعُهُ تَحْتَ السَّرِيرِ (6) .
وَكَرِهَهُ الْحَنَابِلَةُ إِذَا كَانَ بِلاَ حَاجَةٍ، قَال فِي
__________
(1) المدخل لابن الحاج 1 / 29.
(3) انخنث أي انكسر وانثنى لاسترخاء أعضائه عند الموت، (النهاية في غريب الحديث 2 / 82) .
(4) حديث عائشة: " يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 356) ، والنسائي (1 / 32 - 33) ، واللفظ له.
(5) (عيدان) أي نخل (القاموس المحيط) .
(6) (6) حديث أميمة بنت رقيقة: " كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 28) ، والحاكم (1 / 167) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
مَنَارِ السَّبِيل: نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَإِنْ كَانَتْ حَاجَةٌ كَالْمَرَضِ لَمْ يُكْرَهْ، لِحَدِيثِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ (1) ، وَفِي قَوْلٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الإِْنْصَافِ فِي أَصْل الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ (2) .
وَخَصَّ الْمَالِكِيَّةُ الْكَرَاهَةَ - كَمَا فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل - بِالآْنِيَةِ النَّفِيسَةِ، لِلسَّرَفِ، قَالُوا: وَيَحْرُمُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لِحُرْمَةِ اتِّخَاذِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا (3) .

الاِسْتِتَارُ عنِ النَّاسِ:
27 - يُسَنُّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لِقَاضِي الْحَاجَةِ أَنْ يَسْتَتِرَ عَنِ النَّظَرِ (4) ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَل فَقَدْ أَحْسَن، وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ (5) .
وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَال: كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ (6) وَالْحَائِشُ هُوَ الْحَائِطُ.
__________
(1) الإنصاف 1 / 99.
(3) مواهب الجليل 1 / 277، وانظر أيضًا المدخل 1 / 29.
(4) مطالب أولي النهى 1 / 66.
(5) (5) حديث أبي هريرة: " من أتى الغائط فليستتر. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 33 - 34) ، وفي إسناده جهالة كما في التلخيص لابن حجر (1 / 103) .
(6) حديث عبد الله بن جعفر: " كان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". تقدم فقرة 18.

الصفحة 18