كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

التَّرْتِيبُ بَيْنَ مُشْتَرَكَتَيِ الْوَقْتِ فَوَاجِبٌ وُجُوبَ شَرْطٍ (1)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ بَيْنَ فَرِيضَةِ الْوَقْتِ وَالْمَقْضِيَّةِ مُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ دَخَل وَقْتُ فَرِيضَةٍ وَتَذَكَّرَ فَائِتَةً، فَإِنِ اتَّسَعَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ اسْتُحِبَّ الْبَدْءُ بِالْفَائِتَةِ، وَإِنْ ضَاقَ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْحَاضِرَةِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ الْفَائِتَةَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْحَاضِرَةِ أَتَمَّهَا، ضَاقَ الْوَقْتُ أَمِ اتَّسَعَ، ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيدَ الْحَاضِرَةَ بَعْدَهَا (2) .

التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَوَائِتِ نَفْسِهَا:
18 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ تَرْتِيبَ الْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَاجِبٌ، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، فَيُقَدَّمُ الظُّهْرُ عَلَى الْعَصْرِ، وَهِيَ عَلَى الْمَغْرِبِ، وَهَكَذَا وُجُوبًا (3) .
وَتَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ، فَمَنْ أَخَل بِهَذَا التَّرْتِيبِ وَنَكَّسَ صَحَّتْ صَلاَتُهُ، وَأَثِمَ إِنْ تَعَمَّدَ، وَلاَ يُعِيدُ الْمُنَكِّسُ، وَقِيل: إِنَّهُ وَاجِبٌ شَرْطًا (4) ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ إِذْ
__________
(1) الشرح الصغير 1 / 367.
(2) الشرح الصغير 1 / 367، وروضة الطالبين 1 / 269 - 270.
(3) الشرح الصغير 1 / 367، والمغني 1 / 607.
(4) الشرح الصغير 1 / 367.
قَالُوا: لأَِنَّهُ تَرْتِيبٌ وَاجِبٌ فِي الصَّلاَةِ، فَكَانَ شَرْطًا لِصِحَّتِهَا، فَمَنْ أَخَل بِهَذَا التَّرْتِيبِ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ (1) .
وَالْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفَوَائِتِ نَفْسِهَا، إِلاَّ أَنْ تَزِيدَ الْفَوَائِتُ عَلَى سِتِّ صَلَوَاتٍ، فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ فِيمَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ نَفْسِهَا كَمَا يَسْقُطُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَقْتِيَّةِ، وَحَدُّ الْكَثْرَةِ عِنْدَهُمْ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا. بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلاَةِ السَّادِسَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِدُخُول وَقْتِ السَّابِعَةِ فِي الأَْغْلَبِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اعْتَبَرَ دُخُول وَقْتِ السَّادِسَةِ، قَال الْمَرْغِينَانِيُّ: وَالأَْوَّل هُوَ الصَّحِيحُ، لأَِنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُول فِي حَدِّ التَّكْرَارِ، وَذَلِكَ فِي الأَْوَّل (2) ، فَإِذَا دَخَل وَقْتُ السَّابِعَةِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إِذَا دَخَل وَقْتُ السَّادِسَةِ (3) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَوَائِتِ وَلاَ يَجِبُ (4) .

فَوْرِيَّةُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ:
19 - صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِوُجُوبِ فَوْرِيَّةِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا (5) فَأَمَرَ بِالصَّلاَةِ عِنْدَ الذِّكْرِ،
__________
(1) المغني 1 / 608.
(2) الهداية مع البناية 2 / 631 - 636.
(3) البناية 2 / 635.
(4) روضة الطالبين 1 / 269.
(5) حديث: " فليصلها إذا ذكرها ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 70) ، ومسلم (1 / 477) من حديث أنس واللفظ لمسلم.

الصفحة 32