كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الأَْكْمَل فِعْلُهُمَا فِي كُلٍّ مِنْهَا (1) ، كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ شَغَلَهُ الْكُفَّارُ يَوْمَ الأَْحْزَابِ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ: الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَقَضَاهُنَّ مُرَتَّبًا عَلَى الْوِلاَءِ، وَأَمَرَ بِلاَلاً أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ لِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهِيَةِ الأَْذَانِ لِفَائِتَةٍ (3) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي الْمَسَائِل الْمُتَعَلِّقَةِ بِالأَْذَانِ لِلْفَوَائِتِ (ر: أَذَانٌ ف 43 - 44) .

قَضَاءُ الْفَوَائِتِ فِي جَمَاعَةٍ:
28 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ جَوَازَ الْجَمَاعَةِ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ (4) ، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِسُنِّيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَقْضِيَّةِ، وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ السُّنِّيَّةَ بِكَوْنِهَا فِي الْمَقْضِيَّةِ الَّتِي يَتَّفِقُ الإِْمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِيهَا، بِأَنْ يَكُونَ قَدْ فَاتَهُمَا ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ مَثَلاً (5) ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ
__________
(1) مراقي الفلاح ص 109.
(2) الشرح الصغير 1 / 248.
(4) المجموع 4 / 189.
(5) الزرقاني 2 / 2، وأسنى المطالب 1 / 209، وكشاف القناع 1 / 262، والمغني 1 / 614 - 615، وانظر بدائع الصنائع 1 / 154.
الْخَنْدَقِ " فَاتَهُ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ فَقَضَاهُنَّ فِي جَمَاعَةٍ " (1) ، وَقَدْ رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَرَيْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْل عَرَّسْنَا - أَيْ نَزَل بِنَا لِلاِسْتِرَاحَةِ - فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى حَرِّ الشَّمْسِ فَجَعَل الرَّجُل مِنَّا يَقُومُ دَهِشًا إِلَى طَهُورِهِ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يَسْكُنُوا، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، تَوَضَّأَ ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ ثُمَّ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْفَجْرِ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّيْنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، أَلاَ نُعِيدُهَا فِي وَقْتِهَا فِي الْغَدِ لِوَقْتِهَا؟ قَال: أَيَنْهَاكُمْ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ؟ (2) .
وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ السُّنِّيَّةَ بِكَوْنِهَا فِي الْمَقْضِيَّةِ الَّتِي يَتَّفِقُ الإِْمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ قَدْ فَاتَهُمَا ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ مَثَلاً (3) . وَحُكِيَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مَنْعَ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ فِي جَمَاعَةٍ (4) .
وَلِلْفُقَهَاءِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ فِي الْقَضَاءِ خَلْفَ الأَْدَاءِ، وَالأَْدَاءِ خَلْفَ الْقَضَاءِ، وَقَضَاءِ صَلاَةٍ خَلْفَ مَنْ يَقْضِي غَيْرَهَا، يُنْظَرُ فِي (اقْتِدَاءٌ ف 35) .
__________
(1) الحديث سبق تخريجه ف 27.
(2) حديث عمران بن حصين: " سرينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أحمد (4 / 441) .
(3) أسنى المطالب 1 / 209.
(4) المجموع 4 / 189.

الصفحة 39