كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

قَضَاءُ الْفَوَائِتِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ:
29 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ الْفَائِتَةِ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَغَيْرِهَا (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَسِيَ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا (2) ، وَبِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَل الصَّلاَةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلاَةِ الأُْخْرَى، فَمَنْ فَعَل ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا (3) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ عَدَمَ جَوَازِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتَ الزَّوَال، وَوَقْتَ الْغُرُوبِ، لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِلْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَامَ عَنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَخَّرَهَا حَتَّى ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ (4) وَلأَِنَّهَا صَلاَةٌ، فَلَمْ تَجُزْ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ كَالنَّوَافِل (5) .
__________
(1) الشرح الصغير 1 / 242، وروضة الطالبين 1 / 193، والمغني 2 / 107 - 108.
(2) حديث: " من نسي صلاة أو نام عنها. . . ". أخرجه مسلم (1 / 477) من حديث أنس بن مالك.
(3) حديث: " إنما التفريط على من لم يصل الصلاة. . . ". أخرجه مسلم (1 / 473) .
(4) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن صلاة الفجر. . . ". أخرجه مسلم (1 / 475) .
(5) الفتاوى الهندية 1 / 121، وابن عابدين 1 / 248، والمغني 2 / 108.
وَلِلتَّفْصِيل (ر: أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ ف 24) .

قَضَاءُ الزَّكَاةِ:
30 - مَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إِخْرَاجِهَا حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا أَثِمَ إِجْمَاعًا.
(ر: زَكَاةٌ ف 126) .
ثُمَّ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهَا فَلَمْ يَفْعَل حَتَّى مَاتَ وَجَبَ قَضَاءُ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ، لأَِنَّهُ مَتَى لَزِمَ فِي حَال الْحَيَاةِ لَمْ يَسْقُطْ بِالْمَوْتِ، كَدَيْنِ الآْدَمِيِّ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ قَال الدُّسُوقِيُّ: زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي عَامِ الْمَوْتِ لَهَا أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ:
أ - إِنِ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا وَبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا، فَمِنْ رَأْسِ الْمَال جَبْرًا عَلَى الْوَرَثَةِ.
ب - وَإِنِ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِبَقَائِهَا وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا، فَلاَ يُجْبَرُونَ عَلَى إِخْرَاجِهَا، لاَ مِنَ الثُّلُثِ وَلاَ مِنْ رَأْسِ الْمَال، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُونَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ، إِلاَّ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْوَرَثَةُ عَدَمَ إِخْرَاجِهَا فَتُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَال جَبْرًا.
ج - وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِبَقَائِهَا وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا، أُخْرِجَتْ مِنَ الثُّلُثِ جَبْرًا.
د - وَإِنِ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهَا وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا، لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِمْ بِإِخْرَاجِهَا، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُونَ بِغَيْرِ

الصفحة 40