كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

تَفُوتُ بِمُضِيِّ وَقْتِهَا، وَلاَ يُخَاطَبُ بِهَا الْمُكَلَّفُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهَا (1) .
ثُمَّ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَاةً بِعَيْنِهَا، بِأَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُوجِبُ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا، أَوْ كَانَ الْمُضَحِّي فَقِيرًا وَقَدْ اشْتَرَى شَاةً بِنِيَّةِ الأُْضْحِيَّةِ فَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ، تَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُضَحِّ غَنِيًّا وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى نَفْسِهِ شَاةً بِعَيْنِهَا، تَصَدَّقَ بِقِيمَةِ شَاةٍ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِ (2) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ تَتَعَيَّنُ الأُْضْحِيَّةُ إِلاَّ بِالذَّبْحِ، فَلاَ تَتَعَيَّنُ أُضْحِيَّةٌ بِالنَّذْرِ وَلاَ بِالنِّيَّةِ وَلاَ بِالتَّمْيِيزِ لَهَا (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُضَحِّ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا لَمْ يُضَحِّ، بَل قَدْ فَاتَتِ التَّضْحِيَةُ هَذِهِ السَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ مَنْذُورًا لَزِمَهُ أَنْ يُضَحِّيَ وَيَقْضِيَ الْوَاجِبَ كَالأَْدَاءِ (4) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: أُضْحِيَّةٌ ف 42 - 44) .

قَضَاءُ مَا فَاتَ مِنَ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ:
36 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَ مِنَ الْقَسْمِ:
__________
(1) البناية 9 / 112، وحاشية العدوي على شرح الرسالة 1 / 452، نشر دار المعرفة.
(2) الفتاوى الهندية 1 / 296.
(3) الشرح الصغير 2 / 148 - 149.
(4) المجموع 8 / 388، والفروع لابن مفلح 3 / 546.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَسْمَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ سَوَاءٌ فَاتَ لِعُذْرٍ أَمْ لاَ، فَلاَ يُقْضَى، فَلَيْسَ لِلَّتِي فَاتَتْ لَيْلَتُهَا لَيْلَةٌ بَدَلَهَا، لأَِنَّ الْقَصْدَ مِنَ الْقَسْمِ دَفْعُ الضَّرَرِ الْحَاصِل فِي الْحَال، وَذَلِكَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ، وَلَوْ قُلْنَا بِالْقَضَاءِ، لَظُلِمَتْ صَاحِبَةُ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (1) .
وَقَال الْعَيْنِيُّ نَقْلاً عَنِ الْمُحِيطِ وَالْمَبْسُوطِ: الزَّوْجُ لَوْ أَقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ شَهْرًا ظُلْمًا، ثُمَّ طُلِبَ الْقَسْمُ مِنَ الْبَاقِيَاتِ، أَوْ بِغَيْرِ طَلَبٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، لَكِنَّهُ ظَالِمٌ يُوعَظُ، فَإِنِ اسْتَمَرَّ يُؤَدَّبُ تَعْزِيرًا (2) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ عَلَى الزَّوْجِ الْمَقَامُ عِنْدَ ذَاتِ اللَّيْلَةِ لَيْلاً لِشُغْلٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ تَرَكَ الْمُقَامَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ قَضَاهُ لَهَا، كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ (3) .
وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْهُمَامِ حَيْثُ قَال: وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْقَضَاءِ إِذَا طَلَبَتْ، لأَِنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إِيفَائِهِ (4) .
__________
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 400، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه 2 / 506.
(2) البناية 4 / 332.
(3) روضة الطالبين 7 / 361، والمهذب 2 / 69، وكشاف القناع 5 / 199.
(4) فتح القدير 2 / 518 - 519 ط. بولاق.

الصفحة 45