كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 - قُنْيَةُ الأَْشْيَاءِ قَدْ يَكُونُ مُبَاحًا مِثْل اقْتِنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا مِثْل اقْتِنَاءِ الْمَصَاحِفِ وَكُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ، وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا مِثْل الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَآلاَتِ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمَةِ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (اقْتِنَاءٌ ف 2) .

زَكَاةُ الْقُنْيَةِ:
4 - قَسَّمَ ابْنُ جُزَيٍّ الْعُرُوضَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٍ لِلْقُنْيَةِ خَالِصًا، وَقِسْمٍ لِلتِّجَارَةِ خَالِصًا فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَقِسْمٍ لِلْقُنْيَةِ وَالتِّجَارَةِ، وَقِسْمٍ لِلْغَلَّةِ وَالْكِرَاءِ.
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ عَرْضَ التِّجَارَةِ يَصِيرُ لِلْقُنْيَةِ بِنِيَّةِ الْقُنْيَةِ وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ مِنْهُ، لأَِنَّ الْقُنْيَةَ هِيَ الأَْصْل، وَيَكْفِي فِي الرَّدِّ إِلَى الأَْصْل مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، كَمَا لَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الإِْقَامَةَ فِي مَكَانٍ صَالِحٍ لِلإِْقَامَةِ يَصِيرُ مُقِيمًا فِي الْحَال بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ وَلأَِنَّ نِيَّةَ التِّجَارَةِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعُرُوضِ، فَإِذَا نَوَى الْقُنْيَةَ زَالَتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فَفَاتَ شَرْطُ الْوُجُوبِ؛ وَلأَِنَّ الْقُنْيَةَ هِيَ الْحَبْسُ لِلاِنْتِفَاعِ وَقَدْ وُجِدَ بِالنِّيَّةِ مَعَ الإِْمْسَاكِ، كَمَا أَنَّ الْعَرْضَ إِذَا صَارَ لِلْقُنْيَةِ بِالنِّيَّةِ لاَ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ مَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا فِعْل التِّجَارَةِ؛ لأَِنَّ التِّجَارَةَ هِيَ تَقْلِيبُ الْعُرُوضِ بِقَصْدِ الإِْرْبَاحِ، وَلَمْ يُوجَدْ
ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ؛ وَلأَِنَّ الأَْصْل الْقُنْيَةُ، وَالتِّجَارَةُ عَارِضٌ فَلَمْ يَصِرْ إِلَيْهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَمَا لَوْ نَوَى الْحَاضِرُ السَّفَرَ لاَ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، بَل لاَ بُدَّ مِنَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَالْخُرُوجِ عَنْ عُمْرَانِ الْمِصْرِ.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ حَيْثُ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقُنْيَةَ تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِمَّا نَعُدُّهُ لِلْبَيْعِ (1) ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: قَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذَا عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لأَِنَّ نِيَّةَ الْقُنْيَةِ بِمُجَرَّدِهَا كَافِيَةٌ فَكَذَلِكَ نِيَّةُ التِّجَارَةِ بَل أَوْلَى؛ لأَِنَّ إِيجَابَ الزَّكَاةِ يَغْلِبُ عَلَى إِسْقَاطِهَا احْتِيَاطًا؛ وَلأَِنَّهُ أَحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ فَاعْتُبِرَ كَالتَّقْوِيمِ (2) .
__________
(1) حديث سمرة: " كان يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 211 - 212) وحسن إسناده ابن عبد البر كما في الاستذكار (9 / 115) .
(2) بدائع الصنائع 2 / 11 وما بعدها، القوانين الفقهية ص103، مغني المحتاج 1 / 398، المغني لابن قدامة 3 / 31 - 37.

الصفحة 69