كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ اسْتِدْبَارُ الْكَعْبَةِ فِي الْبُنْيَانِ وَالْفَضَاءِ جَمِيعًا، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُقَابِلٍ لِلْقِبْلَةِ، وَمَا يَنْحَطُّ مِنْهُ يَنْحَطُّ نَحْوَ الأَْرْضِ بِخِلاَفِ الْمُسْتَقْبِل، لأَِنَّ فَرْجَهُ مُوَازٍ لَهَا وَمَا يَنْحَطُّ مِنْهُ، يَنْحَطُّ إِلَيْهَا (1) .
وَبِهِ قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ (2) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَرَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ، مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِل الشَّامِ (3) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ: لاَ تُسْتَقْبَل الْقِبْلَةُ بِبَوْلٍ وَلاَ تُسْتَدْبَرُ بِغَائِطٍ، لأَِنَّ الاِسْتِقْبَال جَعْل الشَّيْءِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ وَالاِسْتِدْبَارَ جَعْل الشَّيْءِ جِهَةَ دُبُرِهِ، فَلَوِ اسْتَقْبَل وَتَغَوَّطَ أَوِ اسْتَدْبَرَ وَبَال لَمْ يَحْرُمْ، وَكَذَا لَوِ اسْتَقْبَل وَلَوَى ذَكَرَهُ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا بِخِلاَفِ عَكْسِهِ (4) .
فَإِنْ جَلَسَ مُسْتَقْبِلاً لَهَا غَافِلاً، ثُمَّ تَذَكَّرَ انْحَرَفَ نَدْبًا، لِحَدِيثِ: مَنْ جَلَسَ يَبُول
__________
(1) (2) بداية المجتهد ونهاية المقتصد 1 / 114 طبع دار الكتب الحديثة، والمغني لابن قدامة 1 / 163.
(3) (3) حديث ابن عمر: " ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 250) ، ومسلم (1 / 225) واللفظ للبخاري.
(4) حاشية الجمل 1 / 83.
قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ، فَتَحَرَّفَ عَنْهَا إِجْلاَلاً لَهَا، لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ (1) هَذَا إِنْ أَمْكَنَهُ وَإِلاَّ فَلاَ بَأْسَ (2) .
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا لِلْمَرْأَةِ إِمْسَاكُ صَغِيرٍ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، لأَِنَّهُ قَدْ وُجِدَ الْفِعْل مِنَ الْمَرْأَةِ (3) .

ب - تَجَنُّبُ اسْتِقْبَال بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارِهِ:
5 - فِي اسْتِقْبَال بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارِهِ حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ قَوْلاَنِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَهَذَا قَوْل الشَّافِعِيَّةِ، وَظَاهِرُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، قَال النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ (4) .
الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلاَ مَكْرُوهٍ، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَهِيَ الْمَذْهَبُ.
قَال الْحَطَّابُ الْمَالِكِيُّ: لاَ يُكْرَهُ اسْتِقْبَال بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلاَ اسْتِدْبَارُهُ حَال قَضَاءِ
__________
(1) ابن عابدين 1 / 228.
(3) نفس المرجع السابق.
(4) المجموع 2 / 80، ومغني المحتاج 1 / 40، ونيل الأوطار 1 / 95، 96.

الصفحة 7