كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

الْحَاجَةِ، هَكَذَا قَال سَنَدٌ، لأَِنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لَيْسَ قِبْلَةً (1) .

ج - اسْتِقْبَال الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ:
6 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِقْبَال الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لأَِنَّهُمَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْبَاهِرَةِ، فَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُمَا تَعْظِيمًا لَهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِقْبَال عَيْنِهِمَا مُطْلَقًا لاَ جِهَتِهِمَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَاتِرٌ يَمْنَعُ عَنِ الْعَيْنِ وَلَوْ سَحَابًا فَلاَ كَرَاهَةَ، لأَِنَّهُ لَوِ اسْتَتَرَ عَنِ الْقِبْلَةِ جَازَ، فَهَاهُنَا أَوْلَى (2) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِقْبَالُهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلاَفُ الأَْوْلَى عِنْدَهُمْ (3) .
وَأَمَّا اسْتِدْبَارُهُمَا فَيَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (4) .
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهُمَا أَيْضًا.
وَهُوَ مَا نُقِل عَنِ الْمِفْتَاحِ: وَلاَ يَقْعُدُ مُسْتَقْبِلاً لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَلاَ مُسْتَدْبِرًا لَهُمَا لِلتَّعْظِيمِ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ: وَقِيل يُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهُمَا (5) .
__________
(1) مواهب الجليل والمواق 1 / 281، الفروع 1 / 45، 46، وكشاف القناع 1 / 54، القليوبي على شرح المنهاج 1 / 39.
(2) ابن عابدين 1 / 228، وحاشية الجمل 1 / 85، والمغني 1 / 163.
(3) حاشية الدسوقي 1 / 109.
(4) ابن عابدين 1 / 228، وحاشية الدسوقي 1 / 162، وحاشية الجمل 1 / 85.
(5) ابن عابدين 1 / 228، ومغني المحتاج 1 / 40.
د - اسْتِقْبَال مَهَبِّ الرِّيحِ:
7 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ إِذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بَوْلاً أَوْ غَائِطًا رَقِيقًا أَنْ يَسْتَقْبِل مَهَبَّ الرِّيحِ، لِئَلاَّ يُصِيبَهُ رَشَاشُ الْخَارِجِ فَيُنَجِّسَهُ، وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ: وَلَوْ كَانَتِ الرِّيحُ سَاكِنَةً لاِحْتِمَال تَحَرُّكِهَا وَهَيَجَانِهَا (1) .
وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَيَسَارِهَا، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَوْدُ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ، فَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ حَيْثُ أَمْكَنَ لأَِنَّ الاِسْتِقْبَال أَفْحَشُ (2) .

هـ - كَيْفِيَّةُ الْجُلُوسِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ:
8 - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِقَاضِي الْحَاجَةِ أَنْ يُوَسِّعَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فِي جُلُوسِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَيَعْتَمِدَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، لِمَا رَوَى سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: عَلَّمَنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَل أَحَدُنَا الْخَلاَءَ أَنْ يَعْتَمِدَ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى (3) وَلأَِنَّهُ أَسْهَل لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَيَجْتَهِدَ فِي الاِسْتِفْرَاغِ مِنْهُ، وَلاَ يُطِيل الْمُقَامَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَضُرُّهُ، وَرُبَّمَا آذَى مَنْ يَنْتَظِرُهُ.
__________
(1) ابن عابدين 1 / 229، وحاشية الدسوقي 1 / 107، وحاشية الجمل 1 / 89، والمغني 1 / 163، ونيل المآرب 1 / 52.
(2) ابن عابدين 1 / 228.
(3) (3) حديث سراقة بن مالك: " علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أحدنا الخلاء. . . ". أخرجه البيهقي (1 / 96) ، وقال ابن حجر في التلخيص (1 / 107) وفي إسناده من لا يعرف.

الصفحة 8