كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

وَهِيَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ وَفَضْلٌ كَبِيرٌ مِنَ اللَّهِ لِمَنْ عَرَفَ قَدْرَهَا وَأَحْسَنَ اسْتِعْمَالَهَا شُكْرًا لِلَّهِ عَلَيْهَا لأَِنَّهَا الأَْدَاةُ اللاَّزِمَةُ لِجَلْبِ الْخَيْرِ لِلأُْمَّةِ وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْهَا، وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ، وَالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا فِي نَفْسِهِ وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا أَقْوِيَاءَ كَذَلِكَ.
جَاءَ فِي الأَْثَرِ الصَّحِيحِ: الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ (1) .

الأَْخْذُ بِأَسْبَابِ الْقُوَّةِ:
5 - الأَْخْذُ بِأَسْبَابِ الْقُوَّةِ فَرِيضَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى اخْتِلاَفِ صُنُوفِهَا وَأَلْوَانِهَا، وَأَسْبَابِهَا، مَادِّيَّةً كَانَتْ أَوْ مَعْنَوِيَّةً، قَال تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (2) وَالْخِطَابُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لأَِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ وَظِيفَةُ كَافَّتِهِمْ، وَتَشْمَل كُل مَا يُطِيقُونَهُ مِمَّا يُفِيدُ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْوَسَائِل مَادِّيًّا كَانَ كَالسِّلاَحِ وَالإِْنْفَاقِ وَتَدْرِيبِ الْمُجَاهِدِينَ فِي فُنُونِ الْحَرْبِ، وَإِتْقَانِ اسْتِعْمَال أَنْوَاعِ السِّلاَحِ الْمُخْتَلِفَةِ، لِقَوْلِهِ: {مَا اسْتَطَعْتُمْ} أَوْ مَعْنَوِيًّا، كَالتَّصَافِي، وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَالثِّقَةِ
__________
(1) حديث: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2025) من حديث أبي هريرة.
(2) سورة الأنفال / 60.
بِاللَّهِ وَعَدَمِ خَوْضِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، وَالاِخْتِيَارِ لإِِمَارَةِ الْجَيْشِ مَنْ كَانَ ثِقَةً فِي دِينِهِ، وَالتَّوْصِيَةِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأَخْذِ الْبَيْعَةِ عَلَيْهِمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى الْقُوَّةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ.
فَأَخْذُ أَسْبَابِ الْقُوَّةِ بِقِسْمَيْهَا فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، بِالأَْمْرِ الْقُرْآنِيِّ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ مَارَسُوا كُل عَمَلٍ مَشْرُوعٍ مُتَاحٍ لَهُمْ فِي بِيئَتِهِمْ يَدُل عَلَى عُلُوِّ الْهِمَّةِ وَكَمَال الرُّجُولَةِ، وَيُؤَدِّي إِلَى قُوَّةِ الْجِسْمِ وَدَفْعِ الْكَسَل وَالْمَيْل إِلَى الدَّعَةِ (1) .
وَالتَّفْصِيل: فِي مُصْطَلَحِ (عُدَّةٌ ف 2 - 3) .

اشْتِرَاطُ الْقُوَّةِ فِيمَنْ يَتَقَلَّدُ إِمَارَةً أَوْ يُوَكَّل إِلَيْهِ أَمْرُ قَاصِرٍ وَنَحْوِهِ:
6 - يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُقَلَّدُ إِمَارَةً أَوْ يُوَكَّل إِلَيْهِ أُمُورُ الْقُصَّرِ، كَالأَْيْتَامِ، وَالْمَجَانِينِ وَأَمْوَال الْوَقْفِ: الْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا، وَلاَ يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَنْ لاَ يَقْوَى عَلَى النُّهُوضِ بِهَا، كَمَا لاَ يَجُوزُ لِمَنْ لاَ يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا قَبُولُهَا (2) ، فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَال:
__________
(1) تفسير الخازن والفتوحات الإلهية من تفسير البغوي في تفسير آية 60 من سورة الأنفال، وآية: 46 من سورة التوبة، وآية: 195 من سورة البقرة، نهاية المحتاج 7 / 60 وما بعده
(2) السياسة الشرعية ص15 وما بعدها. ط - دار الكتب العربية.

الصفحة 84