كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 34)

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعِيَافَةُ:
2 - تَأْتِي هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي اللُّغَةِ وَيُرَادُ بِهَا الْكَرَاهَةُ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّبِّ الْمَشْوِيِّ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْهُ: لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ (1) .
كَمَا يُرَادُ بِهَا التَّرَدُّدُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْقُرْبُ مِنْهُ وَالْحَوْمُ عَلَيْهِ، فَعَافَتِ الطَّيْرُ أَيْ: تَحُومُ عَلَى الْمَاءِ، وَعَافَتْ عَلَى الْجِيَفِ أَيْ: تَطِيرُ حَوْلَهَا تُرِيدُ الْوُقُوعَ عَلَيْهَا.
وَتُطْلَقُ عَلَى زَجْرِ الطُّيُورِ وَالسَّوَانِحِ، وَالاِعْتِبَارُ بِأَسْمَائِهَا وَمَسَاقِطِهَا وَمَمَرِّهَا وَأَصْوَاتِهَا.
قَال الأَْزْهَرِيُّ: الْعِيَافَةُ زَجْرُ الطَّيْرِ، وَهُوَ أَنْ يَرَى طَائِرًا أَوْ غُرَابًا فَيَتَطَيَّرَ وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا، فَقَال بِالْحَدْسِ كَانَ عِيَافَةً أَيْضًا (2) وَهَذَا هُوَ الَّذِي شُهِرَ بِهِ بَنُو لَهَبٍ وَبَنُو أَسَدٍ (3) .
وَكَانَ الْعَائِفُ هُوَ الْكَاهِنَ الَّذِي يَعْمِدُ إِلَى التَّضْلِيل، وَيَدَّعِي الاِتِّصَال بِعَالَمِ الْغَيْبِ، وَهُنَاكَ شَوَاهِدُ عَدِيدَةٌ عَلَى ارْتِبَاطِ الْعِيَافَةِ بِالْكَهَانَةِ، وَهِيَ بِهَذَا تَخْتَلِفُ عَنِ الْقِيَافَةِ الَّتِي
__________
(1) حديث: " لم يكن بأرض قومي. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 663) ، ومسلم (3 / 1543) من حديث ابن عباس.
(2) لسان العرب مادة (عيف) .
(3) لسان العرب، والقاموس المحيط مادة (عيف) .
لاَ تَعَلُّقَ لَهَا بِالْكَهَانَةِ، وَتَقُومُ عَلَى النَّظَرِ الْمَنْطِقِيِّ التَّجْرِيبِيِّ حَسْبَمَا يَتَّضِحُ مِنْ شُرُوطِ الْعَمَل بِهَا

ب - الْفِرَاسَةُ:
3 - الْفِرَاسَةُ: اسْمٌ فِعْلُهُ تَفَرَّسَ كَتَوَسَّمَ وَزْنًا وَمَعْنًى، أَمَّا الْفِرَاسَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ فَمَصْدَرُ الْفِعْل فَرَسَ يَفْرُسُ، وَمَعْنَاهَا: الْعِلْمُ بِرُكُوبِ الْخَيْل وَرَكْضِهَا مِنَ الْفُرُوسِيَّةِ، وَالْفَارِسُ: الْحَاذِقُ بِمَا يُمَارِسُ مِنَ الأَْشْيَاءِ كُلِّهَا، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُل فَارِسًا (1) .
وَتُطْلَقُ الْفِرَاسَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ:
أَوَّلِهِمَا: نَوْعٌ يُتَعَلَّمُ بِالدَّلاَئِل وَالتَّجَارِبِ وَالْخُلُقِ وَالأَْخْلاَقِ فَتُعْرَفُ بِهِ أَحْوَال النَّاسِ (2) ، وَيُسْتَفَادُ إِطْلاَقُ الْفِرَاسَةِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْعَلاَمَاتِ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ تَفْسِيرِهِ لِلتَّوَسُّمِ بِأَنَّهُ الْعَلاَمَةُ الَّتِي يُسْتَدَل بِهَا عَلَى مَطْلُوبِ غَيْرِهَا، وَهِيَ الْفِرَاسَةُ. . . وَذَلِكَ اسْتِدْلاَلٌ بِالْعَلاَمَةِ، وَمِنَ الْعَلاَمَاتِ مَا يَبْدُو لِكُل أَحَدٍ بِأَوَّل نَظَرٍ، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَفِيٌّ لاَ يَبْدُو لِكُل أَحَدٍ، وَلاَ يُدْرَكُ بِبَادِئِ النَّظَرِ (3) .
__________
(1) لسان العرب مادة (فرس) .
(2) لسان العرب مادة (فرس) وأحكام القرآن لابن العربي 3 / 1119.
(3) أحكام القرآن لابن العربي 3 / 1119.

الصفحة 93