كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
الْمَالِكِيَّةِ تَكَرُّرُ الإِْعْطَاءِ لِوَاحِدٍ، فَلَوْ أَطْعَمَ وَاحِدًا عَشْرَةَ أَمْدَادٍ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ لاَ يُجْزِئُهُ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْطَى لِكُل مِسْكِينٍ مُدَّانِ أَيْ نِصْفُ صَاعٍ (2) مِنَ الْقَمْحِ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ مِنَ النُّقُودِ أَوْ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ الْحَاجَةِ، وَذَلِكَ يُمْكِنُ تَحَقُّقُهُ بِالْقِيمَةِ.
أَمَّا مِقْدَارُ طَعَامِ الإِْبَاحَةِ عِنْدَهُمْ: فَأَكْلَتَانِ مُشْبِعَتَانِ، أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُغَدِّيَ كُل مِسْكِينٍ وَيُعَشِّيَهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا عَشَّاهُمْ وَسَحَّرَهُمْ، أَوْ غَدَّاهُمْ غَدَاءَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، لأَِنَّهُمَا أَكْلَتَانِ مَقْصُودَتَانِ.
أَمَّا إِذَا غَدَّى وَاحِدًا، وَعَشَّى وَاحِدًا آخَرَ لَمْ يَصِحَّ، لأَِنَّهُ يَكُونُ قَدْ فَرَّقَ طَعَامَ الْعَشْرَةِ عَلَى عِشْرِينَ، وَهُوَ لاَ يَصِحُّ.
كَذَلِكَ يَشْتَرِطُونَ أَنْ لاَ يُعْطِيَ الْكَفَّارَةَ كُلَّهَا لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً عَلَى عَشْرِ مَرَّاتٍ.
أَمَّا لَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ
__________
(1) حاشية الدسوقي 2 / 132، والقوانين الفقهية ص 163، ومغني المحتاج 4 / 327، وحاشية القليوبي وعميرة 4 / 275، والمغني 8 / 736، والعدة شرح العمدة 483.
(2) الصاع: أربعة أمداد. والمد: رطل وثلث بالرطل العراقي، والرطل العراقي (130 درهمًا) ، ويقدر بالكيل بثلث قدح مصري. يراجع مختار الصحاح ص 373 مادة " صوع "، مادة " مدد ".
غَدَاءً وَعَشَاءً، أَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ كُل يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ جَازَ لأَِنَّ تَجَدُّدَ الْحَاجَةِ كُل يَوْمٍ يَجْعَلُهُ كَمِسْكِينٍ آخَرَ فَكَأَنَّهُ صَرَفَ الْقِيمَةَ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ (1) .
ثَالِثًا: مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ:
79 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُجْزِئَ فِي الإِْطْعَامِ هُوَ الْبُرُّ، أَوِ الشَّعِيرُ، أَوِ التَّمْرُ، دَقِيقُ كُل وَاحِدٍ كَأَصْلِهِ كَيْلاً أَيْ نِصْفُ صَاعٍ فِي دَقِيقِ الْبُرِّ وَصَاعٌ فِي دَقِيقِ الشَّعِيرِ، وَقِيل: الْمُعْتَبَرُ فِي الدَّقِيقِ الْقِيمَةُ، لاَ الْكَيْل، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الأَْصْنَافِ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْطْعَامَ يَكُونُ مِنَ الْقَمْحِ إِنِ اقْتَاتُوهُ، فَلاَ يُجْزِئُ غَيْرُهُ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنِ اقْتَاتُوا غَيْرَ الْقَمْحِ فَمَا يَعْدِلُهُ شِبَعًا لاَ كَيْلاً (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْطْعَامَ يَكُونُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، لأَِنَّ الأَْبْدَانَ تَقُومُ بِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ (4) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الإِْطْعَامُ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، وَدَقِيقِهِمَا وَالتَّمْرِ
__________
(1) المبسوط 8 / 149 وما بعدها، وبدائع الصنائع 5 / 101 وما بعدها، وتحفة الفقهاء 2 / 506.
(2) حاشية ابن عابدين 3 / 478، 479.
(3) القوانين الفقهية ص 241، وحاشية الدسوقي 2 / 454.
(4) مغني المحتاج 3 / 366، 367.
الصفحة 102