كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

رَعْيِ مَاشِيَتِهِ فِيهَا (1) ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ: الْمَاءِ، وَالنَّارِ، وَالْكَلأَِ (2) .
وَقَال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ثَلاَثٌ لاَ يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ وَالْكَلأَُ وَالنَّارُ (3) .
وَالْحَدِيثَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاسَ شُرَكَاءُ فِي هَذِهِ الثَّلاَثِ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ فِي الْكَلأَِ النَّابِتِ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ لاَ مَالِكَ لَهَا، وَفِي الْجِبَال وَالأَْوْدِيَةِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ أَنْ يَحْمِيَهُ لِنَفْسِهِ، وَيَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ أَخْذِهِ أَوْ رَعْيِ مَاشِيَتِهِ (4) ، أَمَّا النَّابِتُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُحَجَّرَةٍ فَفِي جَوَازِ حِمَاهُ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ:
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: مَا نَبَتَ - أَيْ مِنَ الْكَلأَِ - فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ بِلاَ إِنْبَاتِ صَاحِبِهَا حُكْمُهُ كَمَا سَبَقَ، أَيْ لاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنَ الأَْخَذِ مِنْهُ وَلاَ رَعْيُ مَاشِيَتِهِ فِيهِ، إِلاَّ أَنَّ لِرَبِّ الأَْرْضِ الْمَنْعَ مِنَ الدُّخُول فِي أَرْضِهِ (5) ، قَال الْكَاسَانِيُّ: لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُل مِلْكَ غَيْرِهِ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 283، والمغني 5 / 580، وشرح الزرقاني 7 / 74.
(2) حديث: " المسلمون شركاء في ثلاث: الماء. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 751) من حديث رجل من المهاجرين.
(3) حديث: " ثلاث لا يمنعن: الماء. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 826) من حديث أبي هريرة، وصحح إسناده ابن حجر في التلخيص (3 / 65) .
(4) ابن عابدين 5 / 283، وسبل السلام 3 / 84 - 86، ونيل الأوطار 6 / 48 - 50، والمغني 5 / 580، وشرح الزرقاني 7 / 74، ومغني المحتاج 2 / 368.
(5) ابن عابدين 5 / 283.
لاِحْتِشَاشِ الْكَلأَِ فَإِذَا كَانَ يَجِدُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَلِصَاحِبِ الأَْرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ الدُّخُول وَإِنْ كَانَ لاَ يَجِدُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
يُقَال لِصَاحِبِ الأَْرْضِ: إِمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُول وَإِمَّا أَنْ تَحُشَّ بِنَفْسِكَ فَتَدْفَعَهُ إِلَيْهِ (1) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِذَا احْتَشَّ مَالِكٌ آخَرُ الْكَلأََ الَّذِي نَبَتَ فِي أَرْضِهِ دُونَ إِنْبَاتٍ كَانَ أَنْبَتَهُ فِي أَرْضِهِ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَخْذُهُ بِوَجْهٍ لِحُصُولِهِ بِكَسْبِهِ (2) .
وَفِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لأَِبِي يُوسُفَ: وَلَوْ أَنَّ أَهْل قَرْيَةٍ لَهُمْ مُرُوجٌ يَرْعَوْنَ فِيهَا، وَيَحْتَطِبُونَ مِنْهَا، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهَا لَهُمْ فَهِيَ لَهُمْ عَلَى حَالِهَا، يَتَبَايَعُونَهَا، وَيَتَوَارَثُونَهَا، وَيُحْدِثُونَ فِيهَا مَا يُحْدِثُ الرَّجُل فِي مِلْكِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا الْكَلأََ وَلاَ الْمَاءَ، وَلأَِصْحَابِ الْمَوَاشِي أَنْ يَرْعَوْا فِي تِلْكَ الْمُرُوجِ وَيَسْتَقُوا مِنْ تِلْكَ الْمِيَاهِ، وَلَيْسَتِ الآْجَامُ كَالْمُرُوجِ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَحْتَطِبَ مِنْ أَجَمَةِ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ بَقَرٍ رَعَى بَقَرَهُ فِي أَجَمَةِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَضَمِنَ مَا رَعَى وَأَفْسَدَ.
وَالْكَلأَُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُدْفَعُ مُعَامَلَةً. ثُمَّ قَال: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لأَِهْل هَذِهِ الْقَرْيَةِ الَّذِينَ تَكُونُ لَهُمْ هَذِهِ الْمُرُوجُ، وَفِي مِلْكِهِمْ مَوْضِعُ
__________
(1) بدائع الصنائع 6 / 193.
(2) ابن عابدين 5 / 283.

الصفحة 107