كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

مَسْرَحٍ وَمَرْعًى لِدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ غَيْرِ هَذِهِ الْمُرُوجِ، وَكَانُوا مَتَى أَذِنُوا لِلنَّاسِ فِي رَعْيِ هَذِهِ الْمُرُوجِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ وَبِمَوَاشِيهِمْ وَدَوَابِّهِمْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا كُل مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْعَى أَوْ يَحْتَطِبَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَرْعًى وَمَوْضِعُ احْتِطَابٍ حَوْلَهُمْ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لَهُمْ وَلاَ يَحِل لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا الاِحْتِطَابَ وَالرَّعْيَ مِنَ النَّاسِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَمْنَعُ مَالِكُ أَرْضٍ تَرَكَهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا وَلَمْ يُبَوِّرْهَا لِلرَّعْيِ مِنْ رَعْيِ كَلأٍَ لَمْ يَزْرَعْهُ فِيهَا، وَلاَ يَمْنَعُ رَعْيَ كَلأٍَ نَبَتَ فِي أَرْضٍ لَهُ لاَ تَقْبَل الزَّرْعَ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ رَعْيَ مَاشِيَتِهِ مِنْ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ، وَمَحَل عَدَمِ مَنْعِهِمَا، حَيْثُ لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعٌ لَهُ يَخْشَى أَنْ تُفْسِدَهُ الْمَوَاشِي، فَإِنِ اكْتَنَفَهُ فَلَهُ مَنْعُهُ، وَلَهُ مَنْعُ كَلأَِ مَرْجِ دَوَابِّهِ مِنْ أَرْضٍ يَمْلِكُهَا.
وَحِمَاهُ الَّذِي بَوَّرَهُ مِنْ أَرْضِهِ لِلْمَرْعَى، لَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ رَعْيِ كَلأَِ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ، وَبَيْعِهِ، هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِي الأَْرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ، أَمَّا غَيْرُهَا كَالْفَيَافِي، فَقَال ابْنُ رُشْدٍ: النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ اتِّفَاقًا (2) .
وَإِنْ سَبَقَ شَخْصٌ إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ كَلأٌَ وَقَصَدَهُ مِنْ بُعْدٍ، فَتَرَكَهُ وَرَعَى مَا حَوْلَهُ فَهَل
__________
(1) كتاب الخراج لأبي يوسف ص 102 - 104.
(2) شرح الزرقاني 7 / 74.
لَهُ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنَ الرَّعْيِ فِيهِ؟ قَال الْمَالِكِيَّةُ فِيهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَفِي قَوْلٍ: يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ.
وَفِي قَوْلٍ: إِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَوْضِعِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.
قَال الزُّرْقَانِيُّ: وَهُوَ أَعْدَل الأَْقْوَال وَأَوْلاَهَا بِالصَّوَابِ: لأَِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْمُقَامِ عَلَى الْمَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ مَرْعًى فَتَذْهَبُ نَفَقَتُهُ فِي الْبِئْرِ بَاطِلاً (1) .

مَا يُحْمَى مِنْ مَوَاضِعِ الْكَلأَِ:
3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (2) إِلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَحْمِيَ بُقْعَةَ مَوَاتٍ لِرَعْيِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَصَدَقَةٍ وَضَالَّةٍ وَضَعِيفٍ عَنِ النُّجْعَةِ بِأَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ رَعْيِ مَا حَمَاهُ بِحَيْثُ لاَ يَضُرُّهُمْ، أَنْ يَكُونَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ تَكْفِي بَقِيَّتُهُ النَّاسَ، لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَا النَّقِيعَ لِخَيْل الْمُسْلِمِينَ (3) .
وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْمَنْعُ لِخَبَرِ:
__________
(1) شرح الزرقاني 7 / 74.
(2) الرتاج 1 / 696 - 699، وعمدة القاري 12 / 212 وما بعدها، والزرقاني 7 / 67، ومغني المحتاج 2 / 368، والمغني 5 / 585 وما بعدها.
(3) حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " حمى النقيع. . . ". أخرجه البيهقي في سننه (6 / 146) من حديث ابن عمر، وضعفه ابن حجر في فتح الباري (5 / 45) .

الصفحة 108