كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

وَالْمُقَيَّدِ، كَمَا يُقَسِّمُونَ الْكَلاَمَ مِنْ حَيْثُ دِلاَلَتُهُ عَلَى مَعْنَاهُ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ وَكِنَايَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُدْخِل الْكِنَايَةَ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْ فِي الْمَجَازِ وَلاَ يَجْعَلُهَا قَسِيمًا لَهَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ يُقَسِّمُونَ الْكَلاَمَ إِلَى عِبَارَةٍ وَإِشَارَةٍ وَدِلاَلَةٍ، وَاقْتِضَاءٍ، وَإِلَى مُجْمَلٍ وَمُفَصَّلٍ، وَإِلَى مُشْكِلٍ وَمُشْتَرَكٍ، وَإِلَى مَنْطُوقٍ وَمَفْهُومٍ (1) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

هَل يُعَدُّ السُّكُوتُ كَلاَمًا؟ :
9 - الأَْصْل أَنَّ السُّكُوتَ لاَ يُعَدُّ كَلاَمًا، وَلاَ يُبْنَى عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مِمَّا يُبْنَى عَلَى الْقَوْل لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ: (لاَ يُنْسَبُ إِلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ) (2) .
إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَحْوَالٌ يَنْزِل السَّاكِتُ فِيهَا مَنْزِلَةَ الْمُتَكَلِّمِ، وَيُبْنَى عَلَى سُكُوتِهِ أَحْكَامُ الْقَائِل الْمُتَكَلِّمِ لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ (السُّكُوتُ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَةِ بَيَانٌ) (3) .
فَإِذَا اسْتَأْذَنَ الأَْبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْعَاقِلَةَ الْبَالِغَةَ فِي أَمْرِ زَوَاجِهَا مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَسَكَتَتْ، عُدَّ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى رِضَاهَا بِالزَّوَاجِ، لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِذْنُهَا
__________
(1) فواتح الرحموت 1 / 406.
(2) المادة / 66 من مجلة الأحكام العدلية.
(3) المادة / 67 من مجلة الأحكام العدلية.
صُمَاتُهَا (1) وَذَلِكَ مَا لَمْ يُرَافِقِ السُّكُوتَ مِنَ الْقَرَائِنِ مَا يَدُل عَلَى الرَّفْضِ كَالْبُكَاءِ وَالإِْعْرَاضِ، وَإِلاَّ لَمْ يُعَدَّ رِضًا (2) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (سُكُوتٌ ف 11) .

مَا يَقُومُ مَقَامَ الْكَلاَمِ:
10 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الإِْشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ وَالْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعِبَارَةِ وَالْكَلاَمِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الإِْشَارَةُ مُعْتَبَرَةٌ وَقَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُل شَيْءٍ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْكَلاَمِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ كُل مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا.
وَقَال الْخَطِيبُ: إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ وَكِتَابَتُهُ الْعَقْدَ كَالنُّطْقِ لِلضَّرُورَةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الإِْشَارَةُ كَالْكَلاَمِ وَتَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ وَالْكَلاَمِ (3) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِشَارَةٌ ف 4، وَعَقْدٌ ف 15) .

الْكَلاَمُ حَال قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِي الْخَلاَءِ:
11 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ
__________
(1) حديث: " إذنها صماتها ". أخرجه مسلم (2 / 1037) من حديث ابن عباس.
(2) درر الحكام لعلي حيدر 1 / 59، والمغني لابن قدامة 6 / 493.
(3) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 343 - 344، والفواكه الدواني 2 / 57، ومغني المحتاج 2 / 217، والمغني لابن قدامة 7 / 239، والإنصاف 2 / 98، ومطالب أولي النهى 4 / 422، 6 / 657.

الصفحة 113