كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى كَرَاهَةِ الْكَلاَمِ أَثْنَاءَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِي الْخَلاَءِ وَلاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ رَأَى ضَرِيرًا يَقَعُ فِي بِئْرٍ، أَوْ حَيَّةً أَوْ غَيْرَهَا تَقْصِدُ إِنْسَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمُحْتَرَمَاتِ فَلاَ كَرَاهَةَ فِي الْكَلاَمِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ.
وَقَال ابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ: لاَ بَأْسَ بِذِكْرِ اللَّهِ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَحْمُودٌ عَلَى كُل حَالٍ (1) .
الْكَلاَمُ أَثْنَاءَ الْوُضُوءِ:
12 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ التَّكَلُّمَ بِكَلاَمِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ أَثْنَاءَ الْوُضُوءِ خِلاَفُ الأَْوْلَى، وَإِنْ دَعَتْ إِلَى الْكَلاَمِ حَاجَةٌ يَخَافُ فَوْتَهَا بِتَرْكِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ الأَْدَبِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ الْكَلاَمِ حَال الْوُضُوءِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (وُضُوءٌ) .
الْكَلاَمُ أَثْنَاءَ الأَْذَانِ:
13 - صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِأَنَّ الْفَصْل بَيْنَ كَلِمَاتِ الأَْذَانِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَسُكُوتٍ أَوْ كَلاَمٍ أَوْ
__________
(1) بدائع الصنائع 1 / 165، والفتاوى الهندية 1 / 50، ومواهب الجليل 1 / 275، وكفاية الأخيار 2 / 19، والمجموع 2 / 90 - 91، والمغني 1 / 166 - 167، وكشاف القناع 1 / 63.
(2) الفتاوى الهندية 1 / 8، ومواهب الجليل 1 / 255، والشرح الصغير 1 / 127، والمجموع 1 / 465، وكفاية الأخيار 1 / 17، وكشاف القناع 1 / 103 - 104، والفروع 1 / 152.
غَيْرِهِ إِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلاَ يُبْطِل الأَْذَانَ وَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى.
وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ كَرَاهَةَ الْكَلاَمِ الْيَسِيرِ إِنْ كَانَ لِغَيْرِ سَبَبٍ أَوْ ضَرُورَةٍ، وَقَالُوا. يُكْرَهُ الْكَلاَمُ أَثْنَاءَ الأَْذَانِ حَتَّى وَلَوْ بِرَدِّ السَّلاَمِ وَيُكْرَهُ السَّلاَمُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ، وَيَرُدُّ السَّلاَمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الأَْذَانِ، وَيُبْطِلُهُ الْكَلاَمُ الطَّوِيل لأَِنَّهُ يَقْطَعُ الْمُوَالاَةَ الْمَشْرُوطَةَ فِي الأَْذَانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ رَدَّ السَّلاَمِ فِي أَثْنَاءِ الأَْذَانِ (1) .
وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَذَانٌ ف 23) .
الْكَلاَمُ بَيْنَ الإِْقَامَةِ وَالصَّلاَةِ:
14 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي كَرَاهَةِ الْكَلاَمِ فِي الإِْقَامَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ إِذَا كَانَ كَثِيرًا، أَمَّا إِذَا كَانَ الْكَلاَمُ فِي الإِْقَامَةِ لِضَرُورَةٍ مِثْل مَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَخَافُ وُقُوعَهُ فِي بِئْرٍ أَوْ رَأَى مَنْ قَصَدَتْهُ حَيَّةٌ وَجَبَ إِنْذَارُهُ وَيَبْنِي عَلَى إِقَامَتِهِ.
أَمَّا الْكَلاَمُ الْقَلِيل لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ الْكَلاَمُ بَل يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِ الأَْفْضَل (2) .
__________
(1) بدائع الصنائع 1 / 149، والبحر الرائق 1 / 272، وحاشية ابن عابدين 1 / 260، ومواهب الجليل 1 / 427، وأسنى المطالب 1 / 128، والمجموع 3 / 112، والمغني 1 / 424 - 425، وكشاف القناع 1 / 241.
(2) بدائع الصنائع 1 / 409، وحاشية ابن عابدين 1 / 260، وأسنى المطالب 1 / 128، ونهاية المحتاج 1 / 411 - 412، والمجموع 3 / 115.
الصفحة 114